تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

في الدراما أيضاً الممولون ينفضون عن فلسطين...

وملحم بركات كاد يصاب بالذبحة القلبية!

زهرة مرعي

أين القدس بعين الدراما العربية؟ سؤال مشروع للزميل غسان بن جدو في حواره المفتوح. لم يربطه في سياق تقديمه العاطفي بسيل الدراما على شاشاتنا، بل جاء عنواناً جذوره ممتدة في الوجدان، تماماً كما هي القدس في واقعيتها ورمزيتها في ضميرنا الشعبي. في الواقع القضية الفلسطينية والقدس حاضران في الدراما بخجل، والسبب صعوبات تسويقهما إلى الشاشات العربية المنحازة لأعمال درامية أخرى بعيداً عن 'هم وغم' فلسطين. فقبل موسمين دراميين رمضانيين كان مسلسل 'الإجتياح' للمخرج التونسي المتميز شوقي الماجري من بين الدراما المعروضة للتسويق. وبعد أن تخلت عنه قناة أبو ظبي في آخر لحظة لكونه قد يكون غير مرغوب به اثناء شهر الصيام، فان أحداً لم يلتفت إليه كعمل متقن بكل المقاييس سوى قناة 'ال بي سي' اللبنانية الفضائية، وكانت حظوظ المشاهدة محدودة. وحتى عندما نال 'الإجتياح' في الشتاء الماضي أرفع جائزة عالمية عن عمل درامي ومن بين 500 عمل ترشح للجائزة وهي 'أيمي أوورد' مرّ الخبر على الشاشات المستميتة على الدراما في شهر رمضان مرور الكرام. توقعنا بعد الجائزة أن تعرضه شاشات المسلسلات العاملة 24 على 24 إحتفاء بعمل عربي فاز لأول مرة بجائزة تعادل جائزة الأوسكار السينمائية، أو غيرها. ولم يحصل. وحدها 'أل بي سي' أحتفت بالمسلسل وأبطاله بإستضافتهم في بيروت، وأعادت عرضه.

أما في رمضان الحالي فالقضية الفلسطينية حاضرة في سياق خيوط درامية ضمن أعمال أخرى، وإن وجدت كقضية فهي يتيمة منسية بعيداً عن جهات إنتاجية قادرة على دعمها وتسويقها، تماماً كما قرأت عن مسلسل 'سفر الحجارة' للمخرج يوسف رزق والكاتب هاني السعدي. وهذا المسلسل تمّ إنتاجه شراكة بين المخرج والكاتب والممثلين بعد إنفضاض شمل المنتجين عنه متحصنين بالقول الشعبي 'كش برا وبعيد'. فما نعرفه أن المنتجين يقولون بالثقة المطلقة 'ما هذا يريده المشاهد في رمضان'، وكذلك هو لسان حال أصحاب الشاشات.

القضية الفلسطينية في الدراما العربية تماماً كما هي القضية الفلسطينية في يوميات الساسة من كبار وصغار. يقومون بجهود أمام الشاشات، ومن خلفها يتنازلون عن حقوق الفلسطينيين المشروعة في أرضهم جملة ومفرق. فها هي القدس يومياً تخضع للتهويد، وحدائق الصهاينة باتت تحاصر المسجد الأقصى. والمقدسيون وحدهم يقاومون باللحم الحي. والمتغنون بالقدس والمسجد الأقصى ينامون نهاراً ويستيقظون ليلاً حين تكون مجالس الحكام والساسة قد إنفضت، وبين وجبة طعام وأخرى يضيع منهم الزمن قبل التنبه لقضية القدس.

وبالعودة إلى سياق حلقة غسان بن جدو من الضروري القول بعد مشاهدة وسماع ضيوفه: ربى عطية لبنانية، حاتم علي سوري، وهاني أبو أسعد فلسطيني والذين تحدثوا عن تجاربهم ومقارباتهم الفنية الدرامية لقضية القدس تحديداً، أن إنتاج دراما تحكي القدس وفلسطين تبقى هاجساً يسكن بعض المؤمنين، وليس توجهاً مدروساً ومبرمجاً لتبقى القضية حية، والحق بيِّن. ومع صعوبة التوجه للآخر غير العربي في هذه الدراما سينمائية كانت أم تلفزيونية، لم يُطرح سؤال في هذا السياق، وهو مفصلي وأساسي. وحده رأي هاني أبو أسعد أنه في إقامته الأمريكية وفي لوس أنجلوس بالتحديد يستحيل تقديم عمل عن القضية الفلسطينية. فهو سمع الرد على مشاريعه: انس الموضوع. كذلك كانت الإجابة ضرورية عن دراما تحكي القضية وتقربها من الناس بحيث تكون إنسانية بسريان الدم في عروقها وإحساسها، بعيدة عن الشعاراتية والكليشهات. ربما عندها تتمكن هذه الدراما من فرض نفسها على المنتجين وعلى السوق.

ومن المؤكد أننا كمواطنين لم نتلوث ونتشوه بخطاب دعاة التخفف والتخلي عن الإلتزام القومي الأول على الاقل ضميرياً، ونوافق الزميل بن جدو بأن القدس تتجسد في البال والوجدان بأكثر من كون ما يحصل على أرضها صراع خير وشر. هي ذات ابعاد عاطفية وحضارية معششة في الخلايا والدورة الدموية. ومع كل إنتهاك لأهلها وأرضها سقوط مدوٍ للحكام المنصبين علينا زوراً.

حوارات رمضان: لكشف الأسرار بدل مدفوع

لا شك بأن الموسيقار اللبناني ملحم بركات جدير بالمشاهدة في أي برنامج حواري يطل من خلاله. وهو وفي كل إطلالاته يكون سريع الإستجابة للإستفزاز وسريع العطب، لذلك تبقى جملته الحاضرة الناضرة على لسانه طوال مدة الحوار التهديد: 'بقوم بفل والله'. لم يفعلها بركات بعد لكنه همّ بها كثيراً وقام من كرسيه ومشى.

مؤخراً ظهر بركات مع نيشان في إلمايسترو ولشدة الضغط والإستفزار الذي لقيه من نيشان كدنا نتوقع أن يصاب موسيقارنا العظيم بالسكتة القلبية أو بإرتفاع ضغط الدم. ففي إستقباله لبركات كانت المادة الأساسية التي تسلح بها نيشان السؤال عن رأي ملحم بركات بهذا أو ذاك من نجوم اليوم. ليس هذا وحسب بل كان نيشان مصراً ومركزاً على أيقاع الواقعة بين بركات ووائل كفوري لإصراره على معرفة: لماذا لا تلحن لوائل كفوري. ولم يسلم من السؤال وبالتالي الرأي بالرحابنة، وبخاصة الراحل منصور الرحباني الذي لم ير فيه بركات إبداع الراحل عاصي.

في فقرة الماء تمنى بركات كل ما هو مسيء لنيشان كمضيف. تمنى لو لم يتعرف إليه ويلتقيه، وحلف أن لا يظهر معه مجدداً في أي برنامج. حلقة الخناق أو حفلة الخناق تلك لم تخل من الرأي القديم الجديد لملحم بركات وهو إنتقاده اللاذع لكل فنان لبناني يغني بغير لهجته اللبنانية.

ما أثمرته الحلقة من أيجابية مميزة هو ذاك الصلح الذي إنعقد على الهواء بين فنان العرب محمد عبده وملحم بركات عبر مبادرة إتصال من الأول إعتذر فيها عن ما قاله بحقه. وقد تصافى الطرفان وقرر بركات إسقاط الدعوى بحق عبده.

برامج الحوار مع الفنانين في شهر رمضان تتخذ جانب فضح الأسرار الشخصية أو النميمة بحق الآخرين، وهذا غير مقبول لا في الشهر الفضيل ولا في غيره. لكن يبدو أن ظهور فناني الصف الأول على الشاشات وهو ظهور بأتعاب مدفوعة، الهدف منه كشف المستور والإثارة، وليس له فائدة أخرى. وكلما كان الدفع سخياً كان المستور يتحول إلى مكشوف.

أم جوزف في 'باب الحارة': إمرأة جسور

في الجزء الثالث من 'باب الحارة' كانت شخصية المواطن السوري المسيحي مختصرة برجل من حلب غاب إسمه عن بالي، ساعد في تأمين السلاح للثوار. وفي 'باب الحارة' الجزء الرابع تحضر الشخصية المسيحية من خلال الممثلة القديرة منى واصف في دور أم جوزف التي تساعد في وصل الثوار القادمين من فلسطين للحصول على السلاح بأبي حسن. حضرت أم جوزف وإقتحمت حارة الضبع المحاصرة من قبل الفرنسيين. أكلت رؤوسهم فسمحوا لها بالدخول، وفتح لها معتز الباب. معتز الذي أصبح قبضاي الحارة والرجل المقدام فيها بعد الغياب المشبوه لأبو شهاب ، تعرض للإستخفاف على يد أم جوزف. لكنها 'حرمة' وكبيرة في السن، وإحترامها واجب. وبغير ذلك لا يسكت معتز على ضيم يصيبه.

وفي سياق شخصية المواطن المسيحي وحضوره في الدراما السورية وخاصة التاريخية، نلاحظ أن إقتصارها على فرد واحد ووحيد يأتي من باب التزيين والإعتراف بوجود هذا الآخر. لذلك يظهر في الغالب ساطعاً وملفتاً في شكله ومنطوقه. والمطلوب أن يكون هذا الحضور بعيداً عن الأحادية والفردية، ربما عندها يأتي منغمساً وملتصقاً أكثر في السياق وفي الخط الدرامي، وليس إستفاقة لمخرج أو لكاتب في آخر لحظة.

صحافية من لبنان

zahramerhi@yahoo.com

القدس العربي في

04/09/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)