تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

«هدوء نسبي» ..ضجيج الحروب والأرواح

دبي - جمال آدم

منذ خمس سنوات لم يفوّت المخرج التونسي شوقي الماجري فرصة المشاركة في أعمال رمضان الدرامية والتي توجت العام الماضي بإخراجه مسلسل أسمهان الذي حصل على أعلى نسبة مشاهدة بين الأعمال التي قدمتها شاشة رمضان .

وقبل أسمهان كان هناك مسلسلات الاجتياح وعمر الخيام وابو جعفر المنصور وغيرها من الأعمال التي جعلت من شوقي رقما صعبا بين المخرجين العرب الذين ينافسون بكل طاقتهم من خلال بوابة الدراما التلفزيونية السورية والعربية. وهذا العام ثمة دخول في غمار قضية مختلفة كل الاختلاف عن السير الذاتية والاجتماعية والتاريخية، فقد فضل الماجري ان يخوض برفقة الكاتب الروائي خالد خليفة حرب العراق حربها الأخيرة تلك التي لم تغلق ملفاتها المتراكمة بالجثث والخيانات والقتل والدمار حتى الآن ، ولعل الرحلة في شوارع بغداد حتى بالنسبة للدراميين ستكون رحلة محفوفة بالمخاطر وهم يؤدون دورنا نحن الصحافيين كمراسلين حربيين في أسوأ حرب غير متكافئة شهدها التاريخ الحديث حيث الأبرياء كانوا الضحايا وكما يحدث دائما في مختلف أنواع الحروب .

يروي مسلسل «هدوء نسبي» حكايات ناجي وناهد وشريف ورشا وهم أربعة صحافيين عرب يلتقون في بغداد قبل الحرب الأخيرة والغزو الأميريكي، حيث بدأ المراسلون العرب والأجانب التوافد على بغداد بالمئات لتغطية الحرب المحتملة، ولكل واحد منهم قصة وحياة مهنية حافلة في تغطية الحروب ما يعني أنهم مراسلون محترفون.

ونتابع في هذا العمل حياتهم أثناء هذه الحرب كما نستعيد تفاصيل سيرتهم قبل الحرب، فناهد تطلق زوجها عباس وتتخلى عن الجنين لأنها لاتريد إكمال حياتها البليدة والكاذبة مع رجل لاتحبه، هربت إليه من قصة حب قديمة مع زميلها وحبيبها السابق ناجي شرف الدين اللذان عاشا قصة حب كبيرة مشهورة في كل وسط اصدقائهما.

وناجي أيضاً متزوج من ميرفت إبنة مسؤول سوري سابق هرباً من قصة حبه الكبيرة مع ناهد التي عاشاها بين بيروت والقاهرة مكان عملهما الحالي في وكالتي أنباء مختلفتين . في بغداد يستعيد الجميع خوفه وقلقه الحياتي من الموت الذي هو حدث أساسي في هذه الحرب، خاصة وأن أغلبهم يتحسسون آلام العراقيين وينحازون إليها، آلامهم قبل الحرب في الحصار وأثناء حكم صدام حسين الطويلة الذي ألهى البلاد بسلسلة طويلة من الحروب والآلام التي دفع ثمنها العراقيون.

تبدأ شارة العمل الذي توزعت فرص إنتاجه على أربع جهات إنتاجية كبرى إحداها شركة إيبلا التي يديرها الفنان عابد فهد ، تبدأ الشارة مع صوت فنانة عراقية اسمها شوقية لتضع المشاهد مباشرة في حالة الألم والموت وهي تروي بصوتها وبمرافقة موسيقا الفنان رعد خلف بعضا من قصصا الحرب كابتهاليه للدخول في زمن القتل الحقيقي، ويحار المرء من ذلك العنوان الخبيث الذي اختير للعمل «هدوء نسبي» ، فعن أي هدوء يتحدث الكاتب وما هي نسبته وهو يدخل في مجاهل موت عابر كما يحدث في العراق ، تمر الشارة وهي مشبعة بكل أنواع القتل والدمار ، منوهة الى أول عمل درامي عربي يتعرض مباشرة لسقوط بغداد .

وهو عمل فيه يقارب التصوير أن يكون وذلك من خلال انسجام خدع الكومبيوتر والمتفجرات الوهمية التي تزخ من فوق رؤوس العباد ولولا انه مسلسل لقلنا ان الماجري كان حاضرا في تلك الساعة حرب بغداد الأخيرة ناقلا لنا بشاعتها وبشاعة الذين ارتكبوها والفاتورة الضخمة لعدد الضحايا فيها .!

وعلى الرغم من الشعارات والخطابات الإعلامية التي قدمها النص للمخرج الماجري ، إلا أن المؤلف وضع على كاهله فرصة تحقيق سلام داخلي للشخصيات التي هربت من واقعها ومن مآسيها إلى العراق علها تنجح في العودة الى الحياة سالمة غانمة بأي ثمن ، ولكن حتى هذا لا يتحقق ..!

وعندما تتساوى فرص الموت مع الحياة سيشعر الجميع ان عليهم نسيان الماضي ومواجهة فرص الهروب من الموت وسينسون حتما مشاكلهم وهنا قاد خالد خليفة حربا مزدوجة الأولى التي يقودها الأميركان أصلا على الأرض.

والثانية التي تعتمل في قلوب البشر وفي أرواحهم حيث تغيب بارقة الأمل في سلام ما ، كما هو الأمر على ارض الواقع، لذا يلعب المخرج دور أحد أبطال العمل الروائي هذا الذي جسد تلفزيونيا وهو يتنقل بأمانة بين معارك مزدحمة لا تعطي المشاهد وقتا كي يلتقط أنفاسه لذا يبدو العمل متوهجا وهو يمضي بإيقاعه المشدود متحدثا عن المراسلين الحربيين ومراسلين الحب .

يبرز الفنان عابد فهد وهو يقدم دور ناجي أحد ضحايا هذه الحرب أو كلا الحربين وقد وضع نفسه في أتونها بإرادته وكأنه إن لم ينتصر فلا بأس ان يموت بشرف على قائمة المنتحرين أصلا فالحرب قد تمنح المرء هذا الشرف أحيانا، وفي غمرة تشتته يتصل كي يطمئن على ولده وقد أدرك أهمية العلاقة التي تربطه بهذا الولد أخيرا وقد بدا غير مبال بهذه العلاقة في السابق وفي ما يسمى مغالاة النص عادت هذه العلاقة لطبيعتها في زمن الحرب ، وينجح عابد في ان يكون مراسلا حربيا في هذا العمل .

تنجح الفنانة المتميزة نيللي كريم في ان تحقق حضور العاشقة والحبيبة السابقة والزوجة المكسورة والمراسلة الحربية المنهارة وقد توحدت في داخلها كل تلك المهن لتعطي أحاسيس متناقضة تجعل منها سريعة الغضب والتعب والحقد .. ومع فريق صحفي كامل تنجح نيللي، أو ناهد الشخصية التي حملت نيللي عبء أحاسيسها ، تنجح في تحقيق حالة الحرب تلك وربما كانت ناهد نفسها واحدة من مسببات كوارث حرب الروح التي اندلعت بينها وبين ناجي على وجه التحديد .

العمل يضم في سياقه العديد من النجوم العرب بل ربما هذا ينتمي إلى مشروع عابد في ان يكون حضورا عربيا في أعماله ، الأخيرة مثل «عرب لندن» ومع إعادة مجد بعض الفنان العراقيين مثل جواد الشكرجي وباسم قهار، تقف الفلسطينية ندين سلامة واللبناني بيير داغر والبحريني إبراهيم الزدجالي والمصرية نيللي كريم والسوري عارف الطويل والمخرج التونسي شوقي الماجري وحدة عربية توجهت الى بغداد عليها تنقذ بعضا مما يمكن إنقاذه ول كان عن طريق الصورة فقط.

البيان الإماراتية في

03/09/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)