تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

تواجه امتحان حياة أو موت

السينما المستقلة ضحية العولمة

محمد رُضا

في حين يتكاثر الحديث في السينما العربية، وخصوصاً في مصر، حول السينما المستقلّة كبديل ايجابي في مواجهة السينما التجارية، تواجه هذه السينما عالمياً مصيراً خطيراً يضعها أمام امتحان حياة او موت.

في الشهر المقبل، سينطلق فيلم أمريكي مستقل بعنوان “عصر الغباء” للعرض في نحو 400 صالة أمريكية. الى هنا، لا شيء مختلف عن أي عرض آخر لأي فيلم من أي نوع، لكن إذا علمنا أن المنتجين والمموّلين دفعوا ثمن هذا العرض من أموالهم فإن المسألة تختلف. فالمطبّق حول العالم أن يجد المشروع شركة توزيع له إما قبل التصوير (وهذا هو المستوى الذي يطمح إليه الجميع)، او من خلال قدرته على جذب شركات توزيع حال الانتهاء من تصويره وعرضه عليهم. إذا لم يستطع أن يجد الشركة الموزّعة فإنه على الغالب سينتهي الى رف ما في مخزن ولو من بعد عروض محدودة الأثر على أسطوانات الأفلام.

الفيلم من إخراج فراني أرمسترونج وهو مزيج من الروائي والوثائقي يدور حول رجل متقدّم في السن، يقوم بإدائه البريطاني بيت بوستلوايت، يعيش سنة 2055 ويعرض أفلاماً صُوّرت سنة 2008 عن المتغيّرات البيئية والكوارث التي تنذر بها ويتساءل لماذا لم يفعل الإنسان شيئاً لتحاشي تلك الكوارث؟

الفيلم عرض في الخامس عشر من شهر آذار/ مارس هذا العام في دار سينما تستمد طاقتها من الشمس في خيمة تم نصبها في ساحة ليستر سكواير في لندن وكان الأمل أن يجد في الولايات المتحدة الفرصة التي يبحث عنها ليعرض رسالته على الأمريكيين الذين، كما الصينيين والهنود والأوروبيين، من أكثر شعوب الأرض قدرة على تحاشي الآثار المحتملة في المستقبل إذا ما تصرّفوا بحساب وموضوعية فيما يتعلّق بعملية استهلاك الطبيعة وشؤون الطاقة والكف عن تعريض الأرض والجو والبحر الى التلوّث.

لكن الفيلم لم يستطع تأمين موزّع يضمن عروضه ويؤمن بجدواه ما دفع منتجه جون باتسك لقراره استئجار 400 صالة عرض وإطلاقه على نفقته ونفقة المموّلين الواقفين من ورائه.

بعض المتابعين يتوقّعون أن يكون هذا هو الطريق الوحيد أمام المخرجين المستقلّين إذا ما أرادوا الاستمرار في هذا المنهج من العمل الذي يمنحهم الحرية لتحقيق أفلامهم تماماً حسبما يرغبون. هذا بالطبع بالنسبة لمن يرفض وصيّة هوليوود بتحقيق أفلام صغيرة بطريقة سرد تقليدية وبموضوع يرضي المشاهدين الباحثين عن أعمال مسلية عوض أعمال تتولّى إيقاظهم وربما دفعهم للتفكير، وذلك كشرط رئيسي لتوزيع أعمالهم.

ويفيدنا التاريخ الحديث أن السينما المستقلّة مرّت بثلاثة أطوار الى الآن: في أواخر الستينات ومطلع السبعينات استلهم المخرجون الأمريكيون نجاحات السينما الفرنسية في نطاق “سينما المؤلّف” وتقدّموا لتحقيق أفلامهم بطرقهم الجديدة والمنعشة بصرف النظر عن هوليوود. مخرجون من أمثال روبرت ألتمن، وجون كازافيتيس، ثم مارتن سكورسيزي، وفرنسيس فورد كوبولا، وصولاً الى جون سايلس، وجون ووترز، ورتشارد لينكلتر من بين آخرين.

المرحلة الثانية تلك التي أخذ فيها جيل جديد من المخرجين المستقلّين مع منتجيهم بتحقيق أفلام صغيرة ومستقلّة من حيث المبدأ، لكنها تنتمي الى منهج سرد هوليوودي لا يختلف عنه الا في جوانب محددة من بينها الميزانية. هذه الأفلام وجدت سريعاً إقبال هوليوود عليها خلال التسعينات والنصف الأول من هذا العقد وبل رأينا الشركات الكبيرة تسارع لإنشاء شركات “مستقلّة” تابعة لها. في هذا الصدد، فإن الفيلم الناجح “آثار السهرة” وهو إنتاج هوليوودي رئيسي لا يختلف تماماً عن فيلم مستقل حديث توزّعه هوليوود نظراً لمحدودية موازنته ومجموعة ممثليه غير المشهورين وحبكته الشبابية.

المرحلة الثالثة والحالية تتميّز بأن القليل جدّا من الأفلام المستقلّة، حتى تلك المعمولة كنسخ مختلفة بعض الشيء عما تنتجه هوليوود، تجد حظوظها من العرض ما يدفع فيلماً مثل “عصر الغباء” (وهو اسم على مسمّى كما يبدو) لشق الطريق عبر الحفر بالأظافر.

السينما المستقلّة (فعلاً) اليوم، بات عليها أن تعتمد على المستحدثات التكنولوجية لتستطيع أن تبقى في الساحة، بما في ذلك توفير الإنتاجات على الكومبيوتر لقاء مبلغ يدفعه من يود مشاهدتها على مثل هذه الشاشات الصغيرة. لكن بعض من يعمل في الميدان يؤكد أن هذه الوسيلة لن تغني عن ضرورة البحث عن مخرج لاستمرار السينما المستقلّة في عروضها السينمائية.

 

مهرجان ساراييفو يعيد للبوسنة تألّقها

بعد أن اشتعل أقليم ساراييفو في حرب طاحنة استمرّت ثلاث سنوات (1992-1995) وجدت المدينة أن من سبل إعادة الوضع الى طبيعته إقامة مهرجان سينمائي دولي. وحده هذا القرار شهادة بأن السينما تستطيع أن تلعب الدور الأول في الفصل بين الموت، متمثّلاً في الصراعات الدموية وضحاياها، وبين الحياة كما تمثّلها السينما كثقافة وفن وقدرة على التعبير الوجداني حول مسائل جوهرية سواء أكانت فردية او جماعية.

الإنسان المعاصر قد ينسى سريعاً، وسط ما تقذفه الأيام من حمم متواصلة، أن ما بين مئة ألف ومئة وعشرة آلاف ضحية سقطوا في تلك السنوات المرة، وأن مليونا وثمانمئة ألف فرد تم تهجيرهم من اراضيهم او بلداتهم، وأن 83 بالمئة من الضحايا من البوسنيين وثلاثين بالمئة من هؤلاء الضحايا من النساء. لا عجب أن السينما البوسنية لديها الكثير مما تعرضه، وفعلت ذلك في أكثر من مناسبة خلال السنوات الخمس الماضية عبر أفلام تحكي الوضع الحالي لكنها تومئ الى ما حدث في حزن ووجدان.

أحد هذه الأفلام هو “ثلج” الذي أخرجته عايدة بجيتش حول قرية بوسنية بعد الحرب تعيش فيها النساء فقط، من أرامل وأمّهات وشقيقات وبنات.

الفيلم تم تمويله من شركات متعددة بوسنية وألمانية وفرنسية وإيرانية، وأحد المصادر يذكر تمويلاً لبنانياً. مهما يكن فإن العروض العالمية التي حصدها هذا الفيلم تفيد أن رسالته وصلت وانتاجه غطّى تكاليفه (نحو مليون و200 الف دولار) ما يبعث على التفاؤل في مزيد من هذه الأفلام، علماً بأنه ليس الفيلم البوسني الأول حول موضوع تأثير الحرب اجتماعياً على المرأة.

مهرجان ساراييفو انطلق عمليا قبل خمس عشرة سنة حين كانت المنطقة لا تزال ملتهبة لكنه نما عملياً في السنوات الأربع الأخيرة حيث بات يستمد نجاحه من إقبال متزايد وصل في العام الماضي، الى نحو ثلاثة آلاف مشاهد.

الدورة الخامسة عشرة الحالية انطلقت في الثاني عشر من هذا الشهر، تحت إدارة رئيسه مرصاد بوريفترا، وتنتهي في العشرين منه وفيلم الافتتاح هو “حكايات من العصر الذهبي” الفيلم الروماني الذي عُرض في مهرجان “كان” هذه السنة والمؤلف من ست حكايات حققها خمسة مخرجين.

ومع أن المرء يستطيع أن يعفي المهرجان من المسؤولية وبل البلاد بأسرها إذا هي عرضت أفلاماً تتناول الحرب الماضية، إلا أن إدارة المهرجان تحرص على التنويع والتشكيل بهدف منح المشاهد أفلاماً ذات مواضيع ومضامين مختلفة وخارج نطاق المآسي التي خلفتها الحرب الأهلية في المحيط البلقاني بأسره.

لهذا السبب، هناك فيلمان فقط في مسابقة هذا العام لهما علاقة بالحرب في إطارها البلقاني الأوسع. الأول “فليسيا بالدرجة الأولى” وهو فيلم من رومانيا وأخرجه رضوان رادولسكو، كاتب أحد أهم افلام المنطقة وهو “موت السيد لازارسكو” وهذا فيلمه الأول كمخرج، والثاني “فتاة سلوفانية” للمخرج دميال كوزول وهو إنتاج ما بين بوسنيا وهرزوغوفينا من ناحية ودولة سلوفانيا من ناحية أخرى.

من الأفلام الأخرى المتوفّرة على شاشة هذه الدورة “سن كلب” (اليونان)، “ألعاب شرقية” إنتاج تركي، سويدي بلغاري مشترك، “أناس عاديون” (فرنسي، صربي، سويسري مشترك) و”حمار” وهذا الأخير أول إنتاج مشترك بين دول الحرب: البوسنة، كرواتيا وصربيا.

 

أوراق ناقد

المستقبل القريب للسينما المصرية

على نحو يعتبره البعض مفاجئاً، تعلن السينما المصرية عن فورة من الأعمال الجادّة لمخرجين عرفوا دوماً بمسارهم المختلف وطروحاتهم المهمّة. فمن فيلم “المسافر” لأحمد ماهر، الى “السفّاح” لسعد هنداوي، ومن فيلم “احكي يا شهرزاد” ليسري نصر الله وصولاً الى فيلم خالد يوسف “دكان شحاتة” هناك ذلك النبض الجديد الذي افتقدناه من السينما المصرية لمعظم سنواتها الأخيرة.

طبعاً يمكن للمرء أن يعتبر أن “دكان شحاتة” و”أحكي يا شهرزاد” وحتى “السفّاح” أفلاماِ لا زالت في معرض نقاش بين من يراها أقل قيمة مما كان منتظراً وبين من يقول إنها أعمال جيّدة بهفوات، لكن المهم أنها طينة مختلفة تماماً عن الأفلام التي تسود السينما المصرية التي تتعامل والمستوى الضحل من الطروحات بمستوى مماثل من الشكل والمعالجة.

وإذا ما أضفنا الى هذه الأفلام فيلم كاملة أبو ذكرى “واحدة ونص” والفيلمين المقبلين لأسامة فوزي، وعنوانه “يوسف والأشباح” ولداوود عبد السيد، وهو “رسايل بحر”، فإن الحصيلة في 12 شهراً حصيلة لا بأس بها.

السؤال هو عن المستقبل القريب. ما الذي سيلي هذه المجموعة من الأفلام الجيّدة؟ والجواب يبدو على شكل طريقين: استكمال هذه الخطّة وتحقيق المزيد من الأفلام المختلفة عن السائد، او المضي فيما هو مضمون تجارياً على حساب الفكر والفن. وهذا لا يعني أن استكمال الخطة سوف يوقف سيل الأفلام التجارية، او أن ذلك سيمنع تماماً من إنتاج أعمال تنشد مستوى آخر من الوجود في هذه الحياة. كل ما يعنيه أن المساحة قد تستوعب بجانب السينما التجارية المحضة المتكاثرة حالياً أعمالاً جيّدة تحقق طموحات مخرجيها الذين يفضلون التوقّف عن العمل على التنازل وتحقيق أي أعمال بأي ثمن.

والكثير متوقّف، على نحو يدعو للملاحظة، عما إذا كانت هذه الأفلام المميّزة ستنجح في عروضها المهرجاناتية أولاً: “المسافر” موجود في مسابقة مهرجان البندقية وربما يدخل مسابقة مهرجان “الشرق الأوسط” في أبوظبي، كذلك سيدخلها على الأرجح كل من “يوسف والأشباح” و”رسايل بحر”، والفوز في مهرجان ذي صبغة دولية كبيرة مثل “فنيسيا” او في مهرجان ذي جوائز ضخمة مثل “الشرق الأوسط” سيعني الكثير لمنتجيها ولمنتجين قد يشعرون أن في السينما الفنية مجداً لا تحققه الأفلام التجارية التي يدعمون.

م.ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

16/08/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)