فيلم «طير إنت» للفنان الشاب أحمد مكى ودنيا سمير غانم وماجد الكدوانى
سيناريو وحوار عمر طاهر، وإخراج أحمد الجندي.
يأتى فى إطار خطة تصعيد الفنان الشاب أحمد مكى والذى تتبناه الشركة العربية
للإنتاج السينمائى التى تديرها الفنانة إسعاد يونس، وهو الفيلم الثانى له
فى تلك الخطة وإن كان مكى قد شارك بأدوار ثانوية فى أعمال أخرى مثل دوره فى
فيلم «مرجان أحمد مرجان» مع عادل إمام ومشاركته المهمة فى فيلم «ليلة
البيبى دول» مع محمود عبدالعزيز ونور الشريف وليلى علوي.. وأحمد مكى بلا شك
فنان موهوب بل متعدد المواهب فهو مخرج دارس للإخراج وله أعماله التى كتب
أفكارها وهو يفهم فى الموسيقى والسيناريو، وله تجارب فى كل هذه الفنون ولفت
إليه الأنظار بشدة فى كل تجاربه الفنية، وإن كانت شخصية «هيثم دبور» هى
مصدر شهرته ونجوميته والتى كانت محور فيلمه الأول «إتش دبور» الذى تحمل
مسئوليته وحقق نجاحًا على المستوى الجماهيري.
وفى فيلم «طير إنت» يحاول أحمد مكى أن يغير جلده ويقدم 8 شخصيات متنوعة وفق
سيناريو الفيلم، فهو يقدم شخصية طبيب بيطرى «بهيج» يعيش وحيدًا بعد أن فقد
أبويه وجده، وقد وقع فى حب إحدى زبائنه فى حديقة الحيوان التى تعالج كلبها
فى عيادة الحديقة ويتمنى أن يلفت نظرها وتحبه ويأتيه الجنى الطيب ماجد
الكدوانى الذى يعطيه 7 فرص لتحقيق حلمه ويتحول فى كل فرصة إلى شخصية معينة
المفروض أن تلفت نظر حبيبته، ولكنه فى كل حالة يفشل فى كسب حبها لعيب ما
وفلسفة الفيلم قائمة على أنه لا يوجد إنسان كامل، وأن كل إنسان يجب أن يكون
نفسه ويبحث عن الإيجابيات بداخله لا من خارجه، وبالفعل تلعب المصادفة دورها
وتكتشف الحبيبة أن بهيج الحقيقى يحبها وهو إنسان طيب ومثالى بالنسبة لها
ويتزوجان مع نهاية الأحداث.
والفيلم كما أشار تتر المقدمة مقتبس من فيلم أجنبى لكنه تم تقديمه بشكل جيد
يناسب التركيبة المصرية، والفيلم على مستوى الكتابة جاء بسيطًا وبعيدًا عن
الفذلكة وقدم رسالة الفيلم ببساطة، ونجح أحمد مكى فى أن يثبت قدرته على
التنويع والتغيير وقدم 8 شخصيات مختلفة من بينهم شخصيته المعروفة الوحيدة
هيثم دبور، وهو بذلك يثبت قدرته على الخروج على القوالب الثابتة، ويدلل على
أنه قادر على التجديد، والفيلم يأتى من خلال الرسالة البسيطة والمضمون
الإنسانى عن هذه التركيبة الإنسانية التى تبحث عن ذاتها طوال الوقت وهو
يطرح جدلية قائمة بداخل كل إنسان يسعى لتحقيق وجوده فى مجتمعه سواء على
المستوى الخاص أو العام، ونجح أحمد مكى مع فريق العمل فى تحقيق رسالة
الفيلم بشكل بسيط ومميز ويمكن أن نقول إن المخرج أحمد الجندى نجح فى تقديم
عمل مميز على كل المستويات، وقاد فريق العمل بشكل رائع، خاصة الفيلم به
الكوميديا والتراجيديا والاستعراض والغناء، وهناك مناطق تعتمد على التقنيات
الحديثة، وجاء الفنان ماجد الكدوانى فى دور الجنى الطيب «مارد» مناسبًا فى
دوره وهو من الممثلين ثقيلى الموهبة وليس الحجم فقط، ويضفى دائمًا الحيوية
على أدواره مهما كان حجمها.
أما مفاجأة الفيلم الحقيقية ـ وقصدت تأجيل الحديث عنها إلى النهاية ـ فهى
الفنانة الشابة دنيا سمير غانم، والتى وصلت فى هذا الفيلم «طير إنت» ومن
قبله «الفرح» إلى درجة عالية من النضج الفنى وفى فيلم «طير إنت» موضوع
الحديث نجد دنيا سمير غانم تقدم أكثر من تركيبة وترقص وتغنى وفى كل شخصية
تقدمها تنوع فى أدائها الصوتى والحركى وتبدو كفراشة جميلة قادرة على تغيير
لونها فى كل وسط توجد فيه والحق لقد انبهرت بأداء دنيا سمير غانم ولمست مدى
موهبتها الكامنة والتى لم ينضب مخزونها بعد بل أشعر أنها ظلمت فى السنوات
الماضية ولم يحسن استغلال مواهبها بالشكل اللائق بها، فهى بحق موهبة شاملة
وتخرج من إطار الفنانات أولاد المشاهير الذين يفرضون على الوسط الفنى بصرف
النظر عن موهبتهم، فهى تجيد عندما تمثل، وعندما ترقص وعندما تغنى ومازال
لديها الكثير الذى لم نره بعد.
ويحسب لـ «أحمد مكي» أنه ابتعد عن أى ابتذال فى الفيلم وقدم كوميديا
محترمة، وإن كانت هناك مناطق ضعيفة على مستوى الكوميديا، لكنه بشكل عام عمل
خفيف ويستحق أن نقف عند إيجابياته قبل سلبياته.
أما عن نهاية الفيلم فكنت أميل إلى أن ينتهى الفيلم باختفاء شخصية الجنى
«مارد الكدواني»، كما أعلن عن اسمه فى نهاية تجربته مع بهيج وفشله فى تحقيق
حلمه بأن ينجح فى كسب قلب محبوبته، غير أن بهيج يوقع للجنى على شهادة نجاحه
ويعترف بأنه مشارك فى عملية الفشل وعليه أن يعتمد على نفسه، وأن يكون هو
نفسه لا أحد غيره ولم أحب أن تستمر الأحداث لتتحقق النهاية السعيدة للبطل
بالمصادفة، وبذلك أصبحت الرسالة تقليدية وابتعدت عن العمق الفلسفى للفيلم.
فالنهاية السعيدة جاءت تقليدية روتينية، لكن كان يمكن أن تكون الرسالة أعمق
وأكثر تأثيرًا لو انتهى الفيلم باللقاء الأخير بين بهيج والجنى ـ كما أشرت
سابقًا ـ وهى نهاية منطقية وفلسفية وأكثر أثرًا فى النفس البشرية وتدعو إلى
التفكير وحوار الذات.
وأعود لمقدمة الحديث وأشير إلى أن مصدر حماسى لفيلم «طير إنت» هو تواضعه
على مستوى فريق العمل والإنتاج، وقد نجح هؤلاء فى تقديم عمل محترم له رسالة
وهدف وهو عمل ممتع لا يمكن أن تشاهده وأنت تتربص بأبطاله أو مخرجه أو
منتجه، لأن أحدًا منهم لم يدع أن فيلمه قد تأخر فى تجهيزه، وبذلك لم يكن
محظوظًا بالمشاركة فى مهرجان كان السينمائى الدولى لأنه من أهم أفلام
السينما المصرية.
العربي المصرية في
04/08/2009 |