تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

Our Logo

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

انقذونا من مدعى النقد السينمائي!

منى الغازي

ما النقد السينمائي؟ أهو علم أم معرفة وثقافة وهل يأتى بالخبرة والموهبة أم أنه هواية ؟ سؤال محير وإجابته بسيطة فالنقد كل ما سبق مجتمعين معا فهو أولا علم له أصوله ومبادئه ونظرياته التى تتطور باستمرار لكنه أيضا موهبة وقدرة خاصة على التعمق و"التأمل" فى جزئيات العمل السينمائى وتحليله أو تقديم "رؤية" له قد توازى الفيلم نفسه، وهو ثقافة لأنه يعكس الرؤى الثقافية والعلاقة بين الناقد والمحيط الثقافى فى مجتمعه، وكذلك محصلة علاقة الناقد بالفكر الإنسانى والمؤكد أنه ليس حرفة رغم أن هناك جانبا أساسيا يتعلق بحرفية الكتابة يجب أن يكون متوفرا لدى أى ناقد لكن هذا الجانب أيضا له علاقة أساسية بثقافة الناقد وخبرته وقدرته على التواصل مع القارئ والنقد أيضا نوع من الهواية لأن مشاهدة الأفلام متعة وليست تكليفا كما أن الكتابة أيضا متعة شخصية وبدون متعة لا يكون هناك نقد جيد ولا كتابة جيدة. 

والنقد السينمائى لم يتبوأ بعد موقعا مهما فى السوق الثقافى ولعل العزوف عن اقتناء الكتاب النقدى السينمائى ما هو إلا نتيجة لضعف السينما كجهاز ثقافى والسبب الرئيسى هو ما حدث من خلط للأوراق بين الصحافة الفنية والنقد نتيجة فتح الطريق أمام محاولات نقدية قريبة أكثر إلى النقد الصحفى أكثر من النقد السينمائى المتخصص والذى لا يقتصر فقط على إصدار أحكام قيمة حول هذا الفيلم أو ذاك بل يتعداه إلى الشق التأثيرى للصورة والفنون التشكيلية والموسيقى وتحليل الحوار والتعبير الجسدى والتقنيات البصرية وتحليل مجموعة العناصر المباشرة مثل علاقة الفيلم بمخرجه وكذلك طريقة السرد فى السيناريو توافر "المتعة" الفنية بالعناصر البصرية فى الفيلم والعلاقة بين اللقطات والمفردات الخاصة التى تدخل فى بناء الصورة أو بين التكوين وحركة الكاميرا وزوايا التصوير والإضاءة ويهتم أيضا بالأداء التمثيلى وتأثيره على المشاهد وقد يعتقد البعض أنه يتعين على الناقد أن يفهم فى كل العمليات التقنية المعقدة فى صنع الفيلم مثل التصوير والمونتاج والإضاءة وهذا اعتقاد خاطئ وإلا لغرق الناقد فى تحليل أشياء لا تهم المتفرج وأمور تقنية تبعده عن مهمته الأساسية وهى استخدام معرفته فى تحليل العناصر الفنية للفيلم من حيث البناء والرؤية وطريقة السرد والخيال وأسلوب الإخراج. 

ولكن فى ظل تشجيع الجرائد للصحفيين على تلخيص قصص الأفلام وتحويل النقد إلى تحقيقات فنية يكون أساسها عادة الممثل أو الممثلة مع بعض الانطباعات العامة التى ترد فى السياق. 

ما حول الثقافة السينمائية والنقد السينمائى إلى مجرد معلومات استعراضية لا سياق لها دون أى قدرة تحليلية أى مجرد أرقام وأسماء وميزانيات وجوائز ومسابقات ونجوم ومهرجانات احتفالية، وهو سياق لا يشبع أى رغبة حقيقية فى المعرفة، ولا فى فهم العالم والمجتمع من حولنا والسبب يرجع إلى الغياب شبه الكامل للمجلات السينمائية المتخصصة بل أضيف أيضا للمواقع السينمائية المتخصصة رغم أن القارئ لها موجود ويبحث عنها بشدة وعندما نتكلم عن النقد فإننا نجد أن السينما والثقافة السينمائية هما فى آخر اهتمامات القائمين عليها ما يجعل النهوض بالحركة النقدية مهمة العاملين به و فى أواخر الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضى كانت الحركة النقدية السينمائية فى مصر ذات رؤية واضحة وتوجه محدد بفعل تأثرها بالنظريات السينمائية الجديدة وقتها وتفاعلها مع التيارات والحركات السينمائية العالمية ففى عام 1972 تم إنشاء جمعية (نقاد السينما) كأول جمعية متخصصة فى النقد السينمائى ثم انضمت إلى الاتحاد الدولى للصحافة السينمائية كأول عضو فى منطقه الشرق الأوسط بقيادة الأساتذة (احمد كامل مرسى وعلى أبو شادى وسمير فريد وسامى السلاموني) وتنوعت أساليب كتابة النقد فيلجأ أحياناً إلى النبرة الحادة الساخرة التهكمية أمام الأعمال السطحية والمبتذلة والتحليل الصارم أمام الأعمال الجادة ثم تنازل النقاد قليلا عن مطالبهم الفنية أحيانا ورحّبوا بأى فيلم يحاول أن يجمّل أو يطور الاتجاه السائد حتى وإن لم يكن يقترح أسلوباً جديداً وكان ثمة اعتقاد بأن تشجيع محاولات كهذه سوف يسهم فى تنقية السينما من شوائبها وسوف يمهد لمحاولات أخرى أكثر اختراقا وتجاوزا وتدريجيا قام النقد بتخفيف صرامته ما أوقع النقد فى المأزق وأدى إلى ما نحن فيه من أزمة نقدية موازية لازمة الصناعة السينمائية. 

وقد حرصت جمعية نقاد السينما على تنشيط الوعى السينمائى بما أتيح لها من قوة وقتها من كتب نقدية (كتاب النقد) أصدرته الجمعية للاحتفال باليوبيل الفضى للجمعية، ومن خلال المجلات المتخصصة مثل (السينما الجديدة) و(عالم السينما) لتقديم كتابة مسكونة بوعى فاعل وصادق بدءا من (سامى السلامونى وسيد سعيد وصبحى شفيق ومرورا بأمير العمرى واحمد يوسف وصفاء الليثى وانتهاء بعصام زكريا واحمد عبد العال) مقدمين كتابة جريئة فى الإفصاح عن رأيها تجاه هذا الإبداع أو ذاك كتابة لا تجد أى حرج فى تصنيف هذه التجربة أو تلك فى خانة الاتجاه السوقى أو اتجاه التضليل الأيديولوجى أو مدرسة القبح الفنى أو الاتجاه الإبداعى وتاريخ تلك الجمعية وأعضائها يضع عليها العبء الأساسى فى تطوير الحركة النقدية ورفع الذوق العام لدى المتلقى خاصة فى ظل ما تعانيه السينما المصرية من انهيار فى الجماليات وقد انتهت الجمعية الأسبوع الماضى من انتخابات مجلس الإدارة وفاز بالمقاعد الرئيسية بها (محسن الويفى محمد الروبى محمد ممدوح، رامى عبد الرازق، احمد الحضرى صفاء الليثى ود.عفاف طبالة) ولا يعتد ذلك الفوز تكريما أو تشريفا، لأن ما حدث أن ذلك المجلس لا بد أن يضع على عاتقه مهمة إحياء الثقافة السينمائية من خلال، وإعادة إصدار المجلات المتخصصة، وإنشاء موقع للنقد السينمائى الحقيقى يكون تابعا للجمعية وبإشرافها، لان الأمل فى إنقاذ فن السينما إنما يكمن فى النقد وإنقاذه من براثن محترفى الفذلكة الفنية ومدعى النقد السينمائي. 

العربي المصرية في

04/08/2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)