حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

الفيلسوف الضاحك.. نجيب الريحاني

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 27 )

لو كنت حليوه

حزم نجيب الريحاني أمره على أن يجعل بينه وبين الممثل سداً فلا يجمع فرقة ولا يعتلي المسرح لحسابه، فما هي إلا أيام حتى انتهى أمر الخمسين جنيهاً التي تبقت معه من رحلة المغرب العربي، فعمد إلى بيع بعض ما لديه من أثاث ومتعلقات شخصية، حتى استحكمت حلقات الأزمة لدرجة أنه هبط بطعامه من «المطاعم الفاخرة» إلى محلات «الفول والفلافل»!

بقي نجيب الريحاني في محنته المادية من أبريل إلى أغسطس عام 1933، حتى وصلته برقية من إميل خوري، سكرتير تحرير «جريدة الأهرام»، تحمل تحويلاً بمبلغ 50 جنيها، ويطلب منه أن يوافيه في باريس لتصوير فيلم سينمائي جديد، كان تحدث معه في أمره خلال مرور نجيب على باريس في طريق عودته من الجزائر.

لم يتردد نجيب لحظة واحدة في قبول العرض الذي جاء في وقته، فقام من فوره والتقى بديع خيري، وطلب منه أن يعد نفسه للحاق به إلى باريس، حين يرسل في استدعائه.

لم تمر ثلاثة أيام على وجود نجيب في باريس حتى فهم مغزى استعجال إميل خوري، وإصراره على إنجاز الفيلم بهذه السرعة، فقد اكتشف أنه أخذ الفيلم في صيغة «مقاولة» من شركة «جومون الفرنسية» لحسابه الخاص، عندما راح يقنع نجيب بمشاركته في «المقاولة»:

= بالظبط كده. يعني هتكون شريك بالتلت معايا أنا.

* أيوه فاهم. بس أنا ما حلتيش مليم علشان أشاركك.

= انت هتشاركني بأجرك في الفيلم… انت وصلك مني خمسين جنيه… هتاخد عليهم كمان خمسين يبقى وصلك ميه. وبقية أجرك هيكون من نصيبك تاخده من الأرباح.

* هي فكرة. بس يعني أنت ضامن نجاح الفيلم ولا الحكاية هترسي على الميت جنيه ودمتم؟

= عيب. دا فيلم كبير. أنا مادخلش مشروع فاشل. وبعدين دا فيلم ناطق مش صامت. يا نجيب الفيلم دا هيكون مشرف لمصر.

* ليه هو فيلم وطني؟

= لا. بس هايثبت أن السينما في مصر ما تقلش عنها في باريس ولا في أوروبا كلها.

* أيوه بس لازم أشوف السيناريو الأول. وكمان علشان ابعت لصديقي بديع خيري. دا كاتب وزجال شغل مصر. ما تلاقيش منه دلوقت.

= دي حاجة تخصك انت. اعرف شغلك وجهز نفسك.

أرسل نجيب في طلب بديع، ولكن قبل أن يصل إلى باريس، سلمه إميل نسخة من حوار الفيلم مكتوب باللغة الفرنسية، وطلب منه ترجمته إلى العربية بطريقة لا يخرج عنه فيها حوار الفيلم، فلما قرأه نجيب وجده لا يصلح على الإطلاق، وأيد الفكرة نفسها بديع خيري عندما وصل باريس:

= أنت بتقول إيه؟ دا اللي كتب الحوار الخواجة مارتيني. أكبر متخصص في كتابة الأفلام في شركة «جومون»!

* يا سيدي على عيني وراسي. بس هو كاتب الفيلم دا لمين؟ للجمهور الفرنسي ولا الجمهور المصري؟

= سلامتك يا نجيب… الفيلم مصري وهايتعرض في مصر.

* ولما هو مصري… مين يعرف مصر؟ نجيب الريحاني المصري ولا الخواجة مارتيني؟

= ماتآخذنيش يا نجيب. انت تفهم في المسرح آه باعتبارك فنان مسرحي قديم. لكن السينما لها ناسها… انت تعمل اللي بنقولك عليه وبس!

* يعني إيه؟ أنا مش بغبغان… وبعدين مسرح ولا سينما. الجو المصري والطباع المصرية والمشاكل المصرية… غير الجو اللي عايش فيه الخواجة بتاعك. وإذا اصريت يبقى أنا ما ليش علاقة بالفيلم دا!

إزاء هذه الصلابة من إميل، أصر نجيب على التوقف عن العمل والعودة إلى مصر، فراح بديع يهدئ من ثورته، ويعمل على إقناعه بأن عودته خاوي الوفاض إلى مصر ستطلق ألسنة الناس بالشائعات والأقاويل، وستدع عودته على هذا الشكل فرصة النيل منه، وربما كان ذلك سبباً في ابتعاد الممولين والسينمائيين عنه.

استطاع بديع خيري أن يقنع نجيب بالبقاء وتصوير الفيلم، وزاد من إقناعه أنه وجد جيبه فارغةً، حتى من ثمن تذكرة العودة.

ياقوت

بدأ تصوير فيلم «ياقوت» في أستوديو «جومون» يوم الاثنين، وانتهى منه نهائياً يوم السبت التالي، أي أن تصويره استغرق ستة أيام فقط، مخرج لا يفهم البطل ولا البطل يفهمه، وممثلون تم جمعهم من الحي اللاتيني، لا يعرفون عن العربية سوى اسمها، فلم يكن إميل خوري يهمه سوى أن يضغط الميزانية، ففي خلال أسبوعين فقط انتهت عملية المونتاج والدوبلاج وكل عمليات الفيلم، وذهب يهنئ نجيب بهذا النصر السينمائي:

= ألف مبروك… ألف مبروك يا نجيب. يا سلام شيء ما حصلش. لا تقوللي هاري بور ولا شارل بواييه. نجيب الريحاني المصري وبس.

* يا سيدي الله يجبر بخاطرك. بس أنا عايز أقولك إني شفت الفيلم وعايز أبشرك إن الفيلم ساقط ساقط.

= بلاش تقول الكلام دا في وشي يا نجيب.

* يا سيدي أنا بقولك اللي هايحصل. الجمهور في مصر لو شاف الفيلم دا مش كتير علينا الضرب بالصُرم!

ظل نجيب الريحاني في باريس كي يكون بعيداً عن مصر عند عرض «ياقوت» في القاهرة، لكن المفاجأة أن الفيلم نجح، غير أنه النجاح الذي ضمن استرداد أموال الممول وعليها قليل من الأرباح، فاقتنع ممول الفيلم بصحة ما قاله له نجيب… ولكن بعد فوات الأوان.

كان من نتيجة عرض الفيلم في القاهرة أن تسلم نجيب خطاباً في باريس من مصطفى حفني مدير مسرح «برنتانيا» يعرض عليه العودة إلى مصر لتوقيع عقد اتفاق معه على العمل في مسرحه، فهز رأسه وضحك هاتفاً:

* فليحيا المسرح… وتحيا مصر.

عاد نجيب إلى القاهرة مقرراً إعادة تنظيم حياته، والعودة إلى عشقه المسرح، والتفرغ للتمثيل فقط على أن يرفع عن كاهله عبء التفكير في ما سواه، فوقع الاتفاق مع مصطفى حفني، متضمناً ألا يتدخل في شؤون الممثلين، وأن يتكفل مصطفى حفني بشؤون الفرقة كافة، بما في ذلك الاتفاق مع الممثلات والممثلين، على أن يتقاضى نجيب حصة معلومة وليس له شأن بشيء.

السينما من تاني

أعد نجيب مع بديع خيري رواية «الدنيا لما تضحك» وما كاد يظهر على خشبة المسرح في الليلة الأولى حتى قابله الجمهور بعاصفة من التصفيق، لدرجة أن المفاجأة السارة عقدت لسانه، وظل واقفاً لا ينطق بكلمة من الحوار، وقفزت الدموع من عينيه، فزاد تصفيق الجمهور وكأنها حفلة تكريم بعد الغياب.

أصبح اسم نجيب الريحاني «علامة مسجلة» كرمز من رموز فن التمثيل في الوطن العربي، ما جعل بعض الممولين السينمائيين يطلبون الاتفاق معه على عدد من الأفلام السينمائية، غير أن نجيب شعر بما وصل إليه من نجومية، فحرص أن ينتقي ما يقدمه.

عرض عليه سيناريو فيلم بعنوان «بسلامته عاوز يتجوز»، وقفز معه أجر نجيب إلى ثمانمئة جنيه مصري وخمسة في المئة من الإيراد، ليكون أعلى أجر لفنان سينمائي، غير أنه قبل أن يوقع عقد اتفاق الفيلم، راح يضع شروطه:

* أولاً مش هاقبل أمثل أي مشهد من غير ما أكون راضي عنه.

= طبعاً طبعاً.                                                   

* الحوار لازم ينكتب بمعرفتي أنا وبديع خيري… غير كده مش هاينفع.

= ما فيش مشكلة موافق.

* وبالنسبة للمخرج بقى لازم…

= لا ما تقولش حاجة عن المخرج. إحنا اتفقنا مع مخرج مجري إنما إيه ما فيش بعد كدا. دا أخو المخرج الكبير فاركاتش اللي اخرج فيلم «الموقعة» اللي كان بطولة شارل بوابيه.

* يا سيدي أنا مالي ومال أخوه. بصراحة من الآخر كدا أنا ما بطمنش لأي مخرج أجنبي. حتى لو أخرج أفلااًم لغريتا غاربو ومارلين ديتريش… وماله المصري بس؟

= الناس بتتمنى تشتغل مع مخرجين كبار من بلاد بره وأنت تقوللي مصري؟

* يا ابن الناس. المخرج المصري يقدر يفهمنا ويعرف عادتنا وتقاليدنا. يقدر يعرف مشاكلنا وهمومنا وإيه اللي بيوجعنا.

اعترض نجيب على المخرج المجري قبل أن يراه، غير أن اعتراضه زاد بعدما بدأ العمل معه، وشعر بأنه يكرر أخطاء فيلم «ياقوت» نفسها، غير أن المنتج حاول أن يزيل مخاوفه فطمأنه بأنه سيتركه يبدل ويغير ما يريد في الحوار، وعلى رغم ذلك لم يرتح نجيب للعمل مع المخرج، وهو ما تأكد منه بعد انتهاء الفيلم وعرضه:

* بالذمة دا فيلم! أنا مش عارف نفسي. أنا بالفظاعة دي.

= ماهو شكلك يا سي نجيب. هو المخرج غيره؟

* يا أخي أنا ما بتكلمش عن الشكل… أنا بتقل الدم دا والسخافة دي.

= بس والله مش وحش!

* يا راجل… دا ربنا يستر والجمهور ما يشوفناش وإحنا خارجين. دا راجل مخرج تحس أنه كاره للكوميديا. بيديك التوجيه وشكله بيعيط. يلا أهو فيلم يفوت ولا حد يموت!

قرر الريحاني أن ينتقم من السينما التي تخذله بوضع أدواته وقدراته كافة، ومن ثم رفض جميع العروض السينمائية التي تقدم إليه بها كثر من الماليين ومن رجال الفن، ووضع تركيزه في المسرح، واستدعى خبرته كلها في إخراج رواية، جاءت بدعية من حيث التماسك والتنسيق، وضع لها سبل النجاح كافة، من كوميديا راقية وأحداث ورسم شخصيات، لتخرج كالعادة بالمشاركة مع صديق العمر بديع خيري، واختارا لها اسم «حكم قراقوش».

الريحاني بك

وصلت أخبار إلى نجيب الريحاني أن «القصر الملكي» يفكر في منحه رتبة «الباكوية»، خصوصاً بعدما منحها لعدد من كبار الفنانين قبله، جورج أبيض ويوسف وهبي، وسليمان نجيب، الأمر الذي أدخل السعادة والسرور إلى نفس نجيب، خصوصاً أنه لا يقل عن هؤلاء الفنانين فناً ولا قيمة، والأهم أنه لم يدخر جهداً في سبيل إعلاء شأن الفن المصري في الداخل والخارج، إضافة إلى مواقفه الوطنية من الاحتلال الإنكليزي.

على رغم ذلك كله، وأن قرار منحه رتبه «الباكوية» لم يتخذ بعد، إلا أن مسرحية «حكم قراقوش» جاء فيها انتقاد لاذع للنظام السياسي، بل وللملك فؤاد الأول، ملك مصر نفسه، ما جعل إدارة «المطبوعات» الخاصة في الرقابة على الأعمال الفنية تتخذ قراراً بغلق مسرح الريحاني لمدة ثلاثة أشهر، غير أن ذلك لم يفت في عضده، وانتظر مرور الأشهر الثلاثة حتى أعيد فتح مسرحه، وقدم مجدداً مسرحية «حكم قراقوش» من دون حذف كلمة منها، وسعى الفنان سليمان بك نجيب سكرتير وزارة العدل كي يزيل سوء التفاهم، واقترح عليه أن يقدم فصلاً من إحدى مسرحياته أمام الملك حتى يمنحه البكوية… فاختار الريحاني الفصل الثاني من مسرحية أعدها مع بديع خيري خصيصاً، ووضع لها اسم «الدنيا علي كف عفريت»، يشير مغزاها إلى أن لا شيء باق إلا عمل الخير، واستعرض فيها تفاصيل الحياة المتواضعة والفقيرة في الحارة المصرية بكل ما فيها من ألفاظ شعبية، ما أزعج الملك فؤاد وفسر المقربون غضب الملك بعدم منح الريحاني «الباكوية»!

= إيه يا نجيب! إيه يا حبيبي! انت مُصر تخلق عداوة مع السرايا من غير داعي ليه؟

* أنا مفيش حاجة بيني وبين السرايا ولا الملك.

= بس هم حاسين إنك قاصد تهاجم الملك.

* أنت عارف يا سليمان إن كل اللي يهمني أن أقدم فن يوصل للناس وبس.

= وإحنا عايزينك توصل للباكوية. انت أشطر واحد فينا ومن أكبر الفنانين في مصر والشرق دلوقت. وما ينفعش أن نجيب الريحاني ما يخدش الباكوية.

* طب أعمل إيه؟ أروح أركع تحت رجلين جلالته علشان يمن عليا بالباكوية.

= محدش قال كدا. سبحان الله في طبعك. بس ما تروحش لحد الراجل وتهاجمه في قصره!

* طب أعمل إيه؟ إذا كان جلالته عايش في القصور وبيتفسح في الأندية الفاخرة. ومش حاسس بالناس اللي عايشين في الحواري، المطحونين اللي بياكلوا طوب؟!

= الله يجازيك. هتفضل زي ما انت!

* واتغير ليه؟ أنا كدا. ربنا عايزني كدا… وهفضل كدا. وبعدين أنا لا يهمني زعل الملك ولا السرايا. المهم عندي هو رضا الناس وخدمة وطني.

بعد «حكم قراقوش» أخرج رواية «مين يعاند ست» فكانت أيضاً انتصاراً جديداً للريحاني وبديع، على رغم أنها كوميديا ناعمة لم يكن بها انتقادات صارخة، إلا أن المتفرج تقبلها بقبول حسن.

حل الصيف، ورأى الريحاني أن يقوم بإجازة قصيرة، طلباً للراحة وابتعاداً عن أجواء التوتر، فاصطحب صديقه بديع خيري، واتجها إلى جزيرة «قبرص» في البحر المتوسط، غير أنهما لم يستطيعا أن يبقيا بلا تفكير في المسرح، فوضعا معاً روايتين جديدتين، الأولى باسم «مندوب فوق العادة»، وعزما أن يبدآ بها موسم 1936، والثانية باسم «قسمتي» لتكون بمثابة احتياطي للفرقة، غير أنهما ما إن عادا إلى القاهرة حتى قررا بدء الموسم برواية «قسمتي» وتلتها «مندوب فوق العادة» فحققت الروايتان نجاحاً ارتفع بهما وبكل أعضاء الفرقة إلى عنان السماء، ولم يفسد فرحتهم بالنجاح سوى رحيل الملك فؤاد، فتم تعطيل المسارح والملاهي ودور العرض السينمائي حداداً على وفاة الملك، غير أنه ما إن انتهت فترة الحداد، حتى قرر استكمال رواية «الدنيا على كف عفريت» التي عرض منها فصلاً واحداً أمام الملك الراحل، فلاقت نجاحاً كبيراً.

استوديو مصر

بينما كان الريحاني يقف في غرفته في المسرح يرتدي ملابسه لموافاة الممثلين في التدريب دق جرس الهاتف، فإذا بالمتحدث بديع خيري:

* أهلاً بديع. إيه ماجتش ليه… وبتتكلم منين؟

= أنا بكلمك من أستوديو مصر.

* استوديو مصر. إيه اللي وداك عندك؟

= مش مهم دلوقت بعدين. المهم إن الأستاذ أحمد سالم مدير الأستوديو عاوزك ضروري. خد كلمة أهه.

* أهلاً وسهلاً… هاتوه.

- من غير كلام ولا مقدمات… قدامك نص ساعة تكون فيها هنا. وخللي السلامات لما تيجي. وعلشان ما تتأخرش أنا بعتلك العربية بتاعتي خمس دقايق وهتلاقي السواق قدامك.

راح الريحاني يضرب أخماساً في أسداس، فمن المؤكد أن أحمد سالم لا يريده لمباراة في الشطرنج، لا بد من من وجود اتفاق على عمل، وطالما أحمد سالم مدير أكبر استوديو سينمائي في مصر، فحتما سيكون العمل خاصاً بالسينما، ومجرد التفكير في السينما يزعجه بعد التجارب الثلاث التي فشلت فشلاً كبيراً من وجهة نظره، فما الحل إذا طلب منه أحمد سالم تقديم فيلم سينمائي؟ لا بد من أن يعتذر!

وصل الأستوديو فوجد أحمد سالم وحسني نجيب وبديع خيري:

* سلام عليكم.

= عليكم السلام. أهلاً أهلاً نجمنا الكبير. إيه يا سيدي هو أنت ما تجيش إلا لما نستدعيك بالعجل.

* نعمل إيه. شغل المسرح واخدنا ليل ونهار.

= طب يا سيدي آدي إحنا هانخدك منه شويه.

* أنا لازقة. مطلعش من المسرح ولا بالطبل البلدي.

= هو إحنا بقى الطبل البلدي… وهنطلعك. بس هنرجعك تاني زي ما أنت.

* لا صحيح اسمح لي… أنا مشغول جداً. ومش هاقدر اليومين دول خالص.

= مفيش اعتذارات… دي أوامر من طلعت باشا حرب. إن نجيب الريحاني لازم تشتغل في أستوديو مصر. وإحنا اعتبرنا إن دا واجب وطني. وقبل ما ترفض… أنا فهمت من بديع كل المشاكل اللي أنت واجهتها في الأفلام اللي عملتها قبل كدا. ودي أول حاجة هانعملها. تذليل كل العقبات والمشاكل. وأولها المخرج المصري.

* أيوه ليه الإصرار دا… أنا مش الواد الحليوة بتاع السيما يعني!

= شوف أنت بقى لو كنت حليوة كان حصل إيه؟

* أيوه بس أنا قررت ابعد شويه عن السينما لحد ما الأمور توضح.

= شوف يا نجيب أنا هاجي معاك دوغري. دلوقت فيه كلام كتير على أنك فشلت في السينما. ودا هيخوف الممولين وهايبعدهم عنك. ودا مش كويس لك كفنان من أكبر الفنانين في مصر والشرق… صدقني الكلام دا لمصلحتك أنت أولاً.

راح نجيب يفكر بجدية في كلام أحمد سالم، وزاد عليه كلام بديع خيري، فمال رأسه وبدأ يفكر في الأمر بجدية، خصوصاً بعد ظهور فيلم «الحل الأخير» للمخرج عبد الفتاح حسن، وبطولة سليمان نجيب وراقية إبراهيم وأمينة شكيب وسراج منير وعبد الوارث عسر، فكان نجاحه مشجعاً له على الإقدام، خصوصاً أنه وجد من الجمهور بادرة طيبة، هي أنه بدأ ينظر إلى العمل بقيمته الفنية لا بالشخصيات القائمة به.

جلس نجيب وبديع واشتركا في وضع فكرة سيناريو للفيلم الجديد، وما إن انتهيا منه حتى ذهبا به إلى أحمد سالم، غير أنه قص عليهما فكرة جديدة مفضلةً جعلها أساساً للسيناريو، واستحسنا الفكرة، وفوراً كتبا سيناريو وحوار فيلم «أفراح»، وما إن عاد أحمد سالم من أوروبا حتى اطلعاه على السيناريو، وعندما قرأه غيَّر الاسم إلى «سلامة في خير»، ثم أخذ نجيب من يده وفي اليد الأخرى السيناريو وقدمه إلى المخرج:

* اتفضل يا أستاذ. دا سيناريو الفيلم ودا الأستاذ نجيب نجمنا الكبير وبطل الفيلم ودا يا سيدي المخرج. الأستاذ نيازي مصطفى.

* بيني وبينك كل مخرجين السينما أساتذة. ومفيش حاجة في الدنيا بتخوفني على اسمي وسمعتي الفنية غير الأساتذة دول. غايته ربنا يستر!

(البقية في الحلقة المقبلة)

الجريدة الكويتية في

15/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)