حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

الأساتذة.. أهم صناع السينما في العالم

كلينت إيستوود.. النجم والمخرج الأسطورة؟

بقلم: عبدالستار ناجي

الحلقة ( 26 )

ذات يوم في مطلع الثمانينيات وفي احدى زوايا فندق الاكسيليسور في مدينة البندقية (فينيس) التقيت بالمخرج الايطالي الراحل سيرجيو ليوني ويومها سألته عن أهم انجازاته فقال وبكثير من العفوية: أعدت تقديم كلينت ايستوود!

فمن هو كلينت ايستوود الذي يفتخر احد أهم صناع السينما في ايطاليا باعادة تقديمه انه النجم الاسطورة والمخرج المتميز، هكذا هو كلينت ايستوود المبدع السينمائي الذي استطاع ان يأتي من الادوار الهامشية الصغيرة لينطلق الى القمة ويتربع عليها، ولعلهم قلة في العالم الذين بلغوا هذه القمة ولم يفارقوها، بل انه راح يعمل على ترسيخها كممثل مقتدر وكحرفي وكمخرج تقترن أعماله بالرصانة والبعد والمضامين الفكرية والانسانية.

وهنا لا يمكن اختصار مسيرة هذه الاسطورة بفيلم او تجربة بل هو حصاد مسيرة عامرة بكل مفردات التميز والاقتدار الفني الرفيع.

ولد كلينت تحت مسمى كلينتون ايستوود في آر. جي 31 مايو 1930، وقد ولد في سان فرانسيسكو والده كلينتون ايستوود سي ان (1906-1970) عامل صلب وحديد والدته هي مارغريت روث رنير (1909-2006) عاملة في احد المصانع، كان اسمه ايام الطفولة «ساسون» وقد اطلق عليه هذا الاسم الممرضة التي استقبلته فور ولادته وكان وزنه 4 كيلو تقريبا.

وتعود اصول ايستوود الى أصول ايرلندية اسكوتلندية وألمانية من حيث والده ووالدته، وقد نشأ وسط أسرة متوسطة وعاش مع شقيقته الصغرى جوان مواليد 1934.

وقد اضطر الى الانتقال مع اسرته الى أكثر من مدينة بناء على متطلبات عمل والدته التي جابت الشاطئ الغربي وقد استقر بهم الحال في نهاية المطاف في كاليفورنيا حيث التحق كلينت بمدرسة «ايدرمونت» حيث كان شغوفا بالالعاب الرياضية وكرة السلة على وجه الخصوص وايضا كرة القدم والجمباز والسياحة، بعدها انتقل للدراسة في مدرسة اوكلاند للتقنيات حيث اختاره احد المدرسين لتقديم أحد الاعمال المسرحية، لكنه لم يبد اي اهتمام نظرا لانشغاله الدائم بالسفر مع اسرته من مكان الى آخر، بحثا عن العمل مع والدته، كما عمل في عدد من الاعمال منها رجل اطفائي في الغابات وحمل الاوراق ومرافق في ملاعب الغولف وغيرها.

في عام 1950 التحق بالجيش ابان الحرب الكورية وظلت طموحاته تتحرك في تلك الاطر الضيقة.

وذات يوم في احدى القواعد التي التحق بها وبالذات قاعدة اورد كان يتم هناك تصوير عمل سينمائي، وقد لاحظه احد المساعدين وسرعان ما رشحه لاحد المخرجين في التلفزيون.

ويقول كلينت ايستوود في مذكراته: «لا يمكن ان انسى اسم شيك هيل الذي شاهدني.. واهتم بي ورشحني للعمل مع ستديوهات يونيفرسال ليحصل على عقد اسبوعي في ابريل من عام 1954 بمبلغ 100 دولار اسبوعيا ومنحة لدراسة التمثيل والعمل على ان يتخلص من بعض المشاكل في النطق.

وأول اعماله، كانت من خلال دور صغير في فيلم «انتقام المخلفات» (1955) بعدها راح يقوم ببعض الادوار في عدد من الافلام ومنها «السيدة جوديف» و«لا تقول وداعا» (1956) مع دور ناطق صغير في فيلم «فرانسيس في البحرية» (1959)، ولفت الاهتمام في فيلم «مغاريك» امام جيمس غارنر وتوالت الاعمال.

كما اتجه بعدها للعمل في عدد من المسلسلات مع قناة «سي. بي. سي» بالذات مسلسل «روهايد» وهو مسلسل عن الغرب الاميركي استطاع ان يحتل موقعا متقدما بين الاعمال التلفزيونية في تلك الفترة في نهاية الخمسينيات 1969، وتواصلت حلقات المسلسل لعدة مواسم وسنوات وفي عام 1965 بدأت اسهم ذلك المسلسل بالتراجع ما دفع كلنت للتفكير في الاتجاه الى الاخراج حيث اخرج عددا من الاعمال التلفزيونية، وكان يتقاضى مبلغ 750 دولاراً عن الحلقة.

وفي عام 1963 شارك مع نجم مسلسل «روهايد» الممثل ايرك فلافج في فيلم «مهرجان الدولارات»، وهو عبارة عن فيلم ايطالي عن الغرب الاميركي صور في اسبانيا مع المخرج الايطالي سيرجيو ليوني، وكان معهم في الفيلم عدد من النجوم الشباب يومها ومنهم تشارلز برونسون وستيف ريفز درتيشا وهاريسون وهنري فوندا وجيمس كوبرن وتي ردن.

ولان ايستوود يعاني من الشفاه النحيفة فقد اقترح عليه ان يضع «السيجار» في فمه لاحقا لان مظاهر الاغراء وقتها ان يكون الرجل ذا شفتين مكتنزتين، وهذا ما حصل معه في فيلم «رجل للاسم».

وقد أسست تلك الاعمال الى سمي وقتها بالويسترن سباغتي او الويسترن الايطالي حيث أصبح ايستوود احد اهم نجوم تلك الظاهرة السينمائية التي انطلقت من ايطاليا ليقدم افلاماً مثل «من أجل حفنة دولارات» (1965) ثم يقدم فيلمه الثالث في تلك الثلاثية مع فيلم «الطيب والسيء والقبيح»، وقد حقق الفيلم عوائد كبيرة في الاسواق الاميركية على وجه الخصوص.

وفي عام 1966 التقى كلينت مع المنتج الايطالي دولونيتر في نيويورك ليقدم فيلم «الشاهد» امام زوجة دولونتير النجمة الايطالية سلطان منجانو.

وتمضي المسيرة ليقدم لاحقا فيلم «اشنقهم عاليا» 1968 ليقوم بتأسيس شركته الخامسة للانتاج بعنوان «الباسو» التي انتجت لاحقا جميع أعماله. وتأتي سلسلة «هاري القذر» عبر شخصية الضابط الذي لا يرحم، وقد استمرت تلك السلسلة خلال سنوات السبعينيات ومعها قدم أعمالاً عدة.

وفي التسعينيات جاءت القفزات من جديد مع فيلم «صياد أبيض قلب اسود»، وفي عام 1992 يقدم تحفته «لا غفران» مع مورغان فريمان وبعده قدم «في مرمى النار» 1993، وتمضي التحف الواحدة تلو الاخرى حيث «جسور ماديستون كونتي» مع ميريل ستريب و«القوى الضاربة» امام جيت هاكمان.

ولاننا امام نجم وأسطورة لا يتوقف فان مرحلة الالفية الجديدة تأتي مزدحمة هي الاخرى بعدد بارز من الاعمال ليقدم افلاماً مثل «النهر الغامض» و«طفلة بمليون دولار» مع هيلاري سوانك ومورغان فريمان ثم فيلم «معركة ايوا جيما» و«اعلام لابائنا.

انه نجم من نوع مختلف نضجت تجربته وباتت قدراته لا تهدأ وكأنه يسابق الزمن ويمثل ويكتب ويخرج وينتج وايضا يحصد الملايين ومن قبلها الجوائز والخلود في ذاكرة ووجدان الحرفة السينمائية.

فمن النادر ان يجود الزمان، في هذه المرحلة من تاريخ السينما بنجم ومبدع وحرفي بهذا المستوى استطاع ان يتعامل مع السينما بحرفته وعشق وانتماء.

لقد استطاع كلينت ان يخرج قرابة الـ30 فيلماً تنوعت بين افلام الغرب والمغامرات والدراما وايضا البعد السياسي.

ولا ننسى الجوانب الشخصية اذ نشير الى ان لديه سبعة ابناء من خمس زيجات، بالاضافة الى علاقاته مع عدد من النجمات مثل كاترين دينوف وجيل بانر وجيمي روس وانجار ستيفن وجواني هاريس وجين سبيرغ، كما ارتبط رسميا مع ماجي جونسون، كما ارتبط مع ساندرا لوك وفرانسيس فينشر.

أما على صعيد الجوائز فحدث وأسهب، ويكفي ان نعرف انه حصل على الاوسكار والغولدن غلوب وغيرها من الجوائز المهمة التي رسخت حضوره ومكانته وقيمته الفنية والابداعية.

ونشير مكررين ان كلينت ايستوود اسطورة تمشي على الارض ويكفي انه من قدم «من أجل حفنة دولارات» و«الطيب والسيء والقبيح» و«سلسلة هاري القذر» و«طفلة بمليون دولار» و«لا غفران» و«الهروب من الكاتراز» وغيرها الكثير، مؤكدين ان كل المساحات لا تفي هذا المبدع الكبير حقه ومكانته.

(تمت)

النهار الكويتية في

22/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)