حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

قصة إعدام عادل امام

الفتى الشيوعي يتمنى أن يكون اسمه «الضفدعة» أو «الأرنب»

بقلم: سمير الجمل

رغم انه غارق في بحر السياسية حتى أذنيه.. لكن عادل إمام لا يحب أن تكون له علاقة مباشرة بها.. لأنه يدرك أن الفن يمكن أن يقود السياسة.. لكن العكس من الصعب حدوثه..

ويقول عادل: أحب السياسة.. منذ طفولتي.. وأميل لقراءة الصحف وفهم ما يدور حولي.. واشعر انني كمواطن يجب أن اعرف كل ما يجري في وطني.. وكل ما يتأثر به ويؤثر فيه من علاقته بالأوطان الأخرى.. وفي المرحلة الثانوية اشتركت في حزب شيوعي.. من خلال صديقي عادل بسيوني وكانت له اهتماماته السياسية التي تأثرت بها لأنه كلن يجلس بجواري في الفصل.. تصور تلميذ الثانوي كان لديه الإدراك والرغبة واللهفة.. وانضممت إلى حزب العمال والفلاحين الشيوعيين.. برغم انني في وقتها لم أكن افهم معنى كلمة شيوعية.. وكنت اشعر بأهمية العمل الفردي لصالح الأغلبية وهو ما ساعدني بعد ذلك بسنوات على التفاني والاعتزاز بدوري كسفير للنوايا الحسنة.. المضحك في موضوع الحزب هذا.. أنني ابتعدت عنه لأنهم اختاروا لي اسما حركيا هو «عادل» وكنت أحب أن يكون اسمي الحركي مختلفا وغامضا «القط، الأرنب، الضفدعة، الثعلب» أي شيء من هذا القبيل .

علامات مبكرة تكشف عن الضحك كمادة استراتيجية في حياته إلى جانب قمة الجدية.. حتى في الحب وهنا اذكر له حكاية ترجع إلى أيام المراهقة.. أو فترة خفقان القلب الأولى والإحساس بنظرة الأنثى والشقاوة البريئة.. وكانت أغنية عبد الحليم حافظ «نار يا حبيبي نار» هي النشيد القومي للعواطف والغرام في هذا الوقت.. وعلى طريقة محمد عبدالوهاب مر على بيت الحبايب.. كانت في البلكونة وهو يتطلع إليها.. ويشير لها على استحياء بيده بان يمسح بكف يده على رأسه.. فجأة اختفى فقد سقط في بالوعة مجاري (صرف صحي) مفتوحة وكانت تلك هي نهاية القصة.. فلم يكن من اللائق أن يمر على الحبيبة مرة أخرى بعد نكسة المجاري هذه ولان الشيء بالشيء يذكر.. حكيت له عن واقعة «بلاليعي» جرت أمام عيني وأنا في طريقي للمدرسة مع شلة من الزملاء.. نزل الرجل من التاكسي إلى البلوعة المفتوحة.. وظن سائق التاكسي انه هرب من دفع الأجرة ونادى عليه ونظر حوله في كل مكان ونحن شهود العيان نضحك من هول ما رأينا.. جرينا إلى الساقط وأخرجناه.. واعتذر له السائق ثم طالبه بالأجرة واختلفا حولها.. وهذه المرة دفع الراكب سائق التاكسي إلى البالوعة عمدا مع سبق الإصرار والترصد.. وبدون اجر يمكن أن تتصور كيف تنجح في اضحاك مضحك الملايين.

اذكر في هذا أنني حكيت له عن ابنتي التي كانت في الصف الثالث الابتدائي عندما عادت إلى البيت وأخبرت أمها بكل حماس: الأستاذ فتحي مدرس العربي أتجوز!، وسألتها أمها: هل وزع عليكم الحلوى؟، أو عرفتم من المدرسين الزملاء.. ولكنها نفت تماما كل هذا..

وسألتها أمها.. كيف عرفتم أن الأستاذ تزوج بالفعل؟، فقالت الصغيرة بكل عفوية: لأنه عاد من الإجازة التي أخذها منذ أسبوعين ورأيناه فجأة ينظر إلى سقف الفصل ويضحك بدون سبب!

وكانت تعليقات عادل على الزواج وسنينه.. تحتاج إلى مجلد وقد يدهشك هذا وهو الزوج الناجح؟ لكن دلني على شيء واحد لم يسخر منه أو يتناوله عبر رحلته الحافلة.

سؤال في الصميم

لماذا نجحت في الاستمرار على القمة أكثر من غيرك.. وعندما ظهر جيل الكوميديانات الجدد ظن البعض أن زمن عادل إمام انتهى فإذا به يعود أقوى عما كان.. نعم اقوى مما كان.. لأن النقاد كانوا في وقت ما ينظرون إلى أفلامه بشيء من العنطزية والتكبر والتعالي ويعتبرونه ممثل الحرفيين والغلابة!! وكان يرد بكل فخر: يشرفني أن أكون فنان الغلابة فأنا منهم.. وكان وقتها يحقق من الأرقام ما لم يحدث مع غيره لا من قبل ولا من بعد.. لكن في السنوات الأخيرة تغيرت نظرة النقاد إليه أو قل اغلبهم.. وان كان الجمهور قد كتب معه منذ اللحظة الأولى ميثاق الإعجاب والحب والحفاوة.

غالبا ما يجيب عادل في خجل: انه التوفيق من عندالله.. واحترامي للناس ومصداقيتي معهم! وهي إجابة بلاشك ناقصة لان استمراره معناه الحقيقي.. ذكاء الموهبة.. وموهبة الذكاء، واختيار العمل المناسب في التوقيت المناسب.. وقيل في بعض الفترات انه ينتج بفلوسه وباسم أخيه عصام.. حتى يتحكم في أجره وفي مجريات السوق الفني.. والدليل على ذلك أن عصام أنتج لمحمود عبدالعزيز مسرحية.. وان كان لم يكمل الطريق ولم يستمر في المسرح مثل عادل وتوارى.. ثم أنتج مسرحية «حزمني يا» لـ«فيفي عبده» وظلت لسنوات كاملة العدد.. وكان رد عصام ساخرا على طريقة عادل: عندما يتم تصوير إنتاجي للأفلام والمسرحيات على هذا النحو فإننى هنا زعيم عصابة ولست منتجاً يريد النجاح والمكسب المادي مثل غيره.. ولا أظن أن النجوم الذين تعاملت معهم سذج على هذا النحو.

المسرح مأزق

النجاح المسرحي الساحق الذي حققه عادل إمام.. وضعه في مأزق حقيقي.. فالجمهور الذي يقبل على أعماله .. يجبره أن يستمر لسنوات وبالتالي لم يتجاوز تاريخه الطويل مسرحيات قليلة جدا.. ماذا قلنا ان مدرسة المشاغبين هي الخط الفاصل.. بين البطولة والأدوار البسيطة.. فإننا بذلك نضع ما قبلها في كفه وما بعدها في كفة أخرى والجميل في عادل انه لا يتنكر لهذه المرحلة التي بدأت مع «بائع العسلية» في مسرحية «ثورة القرية» بمسرح التلفزيون.. ولفتت الأنظار في دور «دسوقي أفندي» بمسرحية «انا وهو وهي» وما كان بينهما من ادوار هامشية.

ويقول أدواري الصغيرة في المسرحيات الأولى علمتني من الكبار احترام خشبة المسرح.. وجمهوره.. أنا أحيانا أقوم من نومي في حالة فزع وأتصور انني أقف على المسرح بينما الجمهور في الصلاة يجلس جامدا ولا يضحك إنها نهايتي التي أخاف منها.. وأخاف على كل زملائي منها.. ولذلك فإن عملية البحث عن مسرحية جديدة لا تقل نجاحا عما سبقتها بل تزيد مسؤولية كبيرة تستغرق عدة أشهر.

وربما طوال سنوات المسرح لا أخاف من تجاعيد الزمن.. لكني أخشى من تجاعيد القلب لان تجاعيد الوجه هي حقيقة كلما كبر الإنسان لابد منها.. وقد يرى شبابه الغائب في حضور أولاده.. لكن تجاعيد القلب قد تصيب الشاب الصغير قبل الكبير .. صحيح أن العقل قد تصيبه التجاعيد أيضا.. لكن تجاعيد القلب تمس المسرح.

وبما اننا وصلنا للكلام عن الروح والقلب والعقل اسمح لي بأن أهديك سرا يمس عادل إمام بشكل مباشر.. نعم هو سر.. يحتفظ به عادل إمام لنفسه ولكنه لا يخجل من الكشف عنه مثل باقي أسرار حياته .. فهو يعترف بأن عنده عقدة من الشعر وليس من الشعراء.

العقدة محفورة في الذاكرة لرجل يقرأ بنهم واهتمام وعشق لنجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل ويوسف إدريس وعبدالله النديم وكل كتاب جديد يعرف أهميته.. ومع ذلك لا يقترب من الشعر.. والحكاية بطلها مدرس اللغة العربية في المدرسة الابتدائية وكان اسمه الشيخ زكريا وكان أزهريا معمما يصفه عادل بانه كان «جهوري» الصوت.. له رائحة خاصة لأنه غزير العرق قليل الاستحمام إلا في المناسبات ويبدو أن الرجل كان يكره الحياة كلها.. وبالتالي يكره النظافة.. ويكره التلاميذ.. وكان فظاً غليظ القلب.. إذا اخطأ احدنا في اللغة العربية وهو أمر طبيعي لأطفال في أعمارنا.. جذبه من لسانه بقوة.

ذات مرة طلب من عادل ان يقرأ شعرا من المقرر لكنه لم يكن يحفظ هذه الأبيات.. وأغلق الصغير فمه.. لان يد الشيخ زكريا كانت جاهزة لجذب اللسان.. وفي اللحظة الحاسمة .. جاء الفرج والإنقاذ..

 

فيلم للعلم

النمر والأنثى

إخراج : سمير سيف

قصة وسيناريو وحوار: ابراهيم الموجي

تصوير: عصام فريد

مونتاج: سلوى بكر

تاريخ العرض: 14فبراير 1987 بسينما ديانا

زمن الفيلم: 100 دقيقة ألوان

الأبطال: آثار الحكيم/ أنور إسماعيل/ عايدة عبدالعزيز/ مصطفى متولي/ إبراهيم الشرقاوي/ احمد عقل/ عدوي غيث

القصة

يتم اختيار ضابط الشرطة وحيد لاختراق عائلة القماش المجرم الكبير ويختار فتاة منحرفة اسمها نعيمة لكي تساعده في تلك المهمة.. وتكتشف العصابة أمره وتحوله إلى مدمن وتحاول التخلص منه وبعد ذلك تخطف العصابة نعيمة وابنها وبعد محاولات جبارة من الشرطة يتم محاصرة عائلة القماش وإنقاذ نعيمة وبعد ذلك يدرك وحيد انه يحب نعيمة.

 

«حكاية مشهد»

بعد سنوات كانت نظرة محمد عوض في محلها! عشت سنوات قريباً من الفنان الراحل القدير محمد عوض وعرفته بيته يا جمعة.. زوجته التي رحلت بعد وفاته بأربعين يوماً بالتمام والكمال في لمحة للوفاء لا تقدر عليها إلا السيدة قوت القلوب.. وعاصرت وعملت مع ابنه الأكبر المخرج عادل عوض في فيلم «كريستال» الذي لعبت بطولته شريهان عن سيناريو وحوار لي.. وصمم رقصاته د. عاطف عوض.. والابن الثالث علاء الذي ظهر كممثل ثم اختفى.

جلسات طويلة استمعت فيها إلى عوض وهو يسرد ذكرياته التي جمعتها في كتاب بعنوان «أبي عاطف الأشموني» في إشارة لمسرحيته الشهيرة «جلندات هانم» التي كتبها أحمد باكثير.

وقد سألته بالطبع عن عادل إمام وكانت وجهة نظره أن الأيام تدور.. فقد بدأ عادل حياته بينما عوض في قمة الأضواء بسلسلة مسرحياته «نمرة 2 يكسب» و«أصل وصورة» وغيرها.. لذلك اجتمع معه في سلسلة الأفلام الأولى لعادل بأدواره الصغيرة قبل أن يتحول بعد ذلك إلى البطولة..

ومن هذه «إجازة بالعافية» إخراج نجدي حافظ وبطولة شويكار وفؤاد المهندس ونوال أبوالفتوح عام 1966 «جدار والقرد» بطولة سعاد حسني ومحمد رضا وعبد المنعم مدبولي «حلوة وشقية» إخراج عيسى كرامة بطولة سعاد حسني ومحمد عوض وفي نفس العام 1968.. كان الفيلم الثالث بعنوان «أنا الدكتور» إخراج عباس كامل وفي العام نفسه قدم مع نادية لطفي وعبد المنعم فيلم «كيف تسرق مليونيراً» إخراج نجدي حافظ وتأليف فاروق صبري الذي كتب له بعد ذلك مسرحية «الزعيم» إلى جانب عدة أفلام لعب عادل بطولتها.

وبعد ثلاث سنوات عاد عوض يلتقي مع عادل إمام في فيلم «غرام في الطريق الزراعي» اخراج عبد المنعم شكري وبطولة شويكار. وبذلك يكون مجموع أفلامهما معاً 6.. تمثل مرحلة البداية لعادل.. ولكن عوض أكد لي أنه تنبأ لعادل بمستقبل جيد, خاصة أنه تخرج من مدرسة نجيب الريحاني وظهر في وقت فيه عشرات من نجوم الكوميديا الكبار فؤاد المهندس ومدبولي وأمين الهنيدي.

وقد صدق توقع عوض الذي رحل.. وعادل هو الأول بينما توارى عوض وتلك هي طبيعة الأيام والنجومية.

النهار الكويتية في

06/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)