حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

قصة إعدام عادل امام

بكى أمام الجمهور.. وتحول المسرح إلى سرادق عزاء

بقلم: سمير الجمل

تقول الأغنية «باحبك موت» وفي قول آخر: أموت فيك أو هموت عشانك، لكن هل يسعد المحبوب أن يموت المحب؟! أهل التصوف فيهم من يقول بأن الفناء في المحب بقاء، ولكن أهل الواقعية لهم رأي آخر، ومنهم بالتأكيد عادل إمام الذي لم يكن يتصور أن يتحول مسرحه إلى ساحة للشهادة من أجله حيث انتشى الشاب الصعيدي مع أحداث مسرحية «الواد سيد الشغال» وقفز من البلكونة إلى الصالة، أمام الكل بمن فيهم عادل نفسه، وكانت لحظة رهيبة، لأن الشاب من الممكن أن يسقط قتيلاً، وأن يتسبب في إصابة آخرين، وكان القدر رحيماً بالجميع، وبالشاب وعادل نفسه، فقط كسرت ساقه واحتضنه واطمأن عليه ومنع دمعة حائرة كادت أن تتساقط رغماً عنه أمام المعجب المتهور.

حكايته مع الدموع

هذا الرجل الذي يستطيع إضحاك الملايين ما هي علاقته بالدموع؟، سؤال تبادر إلى ذهني كثيراً وأنا أعرف نتيجته مقدماً، لأن من يفهم جيداً في الضحك يفهم أيضاً في الدموع، قد لا يبكي بسهولة لكنه إذا فعلها تحولت دموعه إلى شلالات من الصعب إيقافها ومن الغريب والمدهش أننا إذا ضحكنا بشدة ظهرت دموعنا وتلاشى ذلك الخط الفاصل بين الضحك والدموع.

في فيلم «كراكون في الشارع» يضطر المهندس شريف «عادل» إلى اللجوء للمقابر بعد أن عجز عن العثور على مسكن بديل لمنزله الذي سقط، ووسط هذا الحوار المأساوي تماماً ينبعث الضحك إلى أقصى درجة، خاصة إذا كان ساكن المقابر هو علي الشريف «أبو دومة» ومشاهد عديدة تفجرت بالضحك وسط أجواء حزينة وسوداء وعندما مات الحاج محمد إمام والد عادل كان في بيروت وكتم أحزانه، إلا عن فرقته، ويومها قرر أن يرثي أباه الغالي من فوق خشبة المسرح المكان الذي صنع اسمه ومجده، وبالضحك الذي هو سلاحه الاستراتيجي، ولم يلحظ أحد أن النجم الذي يلهب مشاعرهم بالضحك يحمل في أعماقه مأساة يكتوي بنارها وبعد العرض، وتحية الجمهور، سادت لحظة صمت جليلة وقال: حاولت أن أخفي عنكم أحزاني لكني بعد أن أديت مهمتي أعلن لكم وفاة أبي، فهل تعرفون من هو أبي الرجل البسيط المكافح الذي تعلمت في مدرسته فن الحياة وفتح كتاب ذكرياته وأحزانه، والجمهور الذي كان يضحك ويضرب الأرض بقدميه من فرط السعادة، هو نفسه الذي جمده الصمت وعادل يستطرد في الكلام عن أبيه ودوره في حياته، وبكى، وبكي المسرح كله، وتحول المكان إلى شادر عزاء كبير، الناس الذين احتضنهم بفنه وموهبته أحاطوا به، في مشاعر أكبر من أن توصف أو تصنف.

ويقول عادل: بعد وفاة والدي فقدت تلك الأرض الصلبة التي كنت أقف عليها، وكان عزائي أنه عاش حتى رأى نجاحي وآمن به، ولمسه، وقاسمني إياه، وكان الوضع بعد وفاة أمي مختلفاً، لأنها ظلت مريضة وعانت طويلاً من المرض ونحن لا ندري ماذا نفعل حتى نخفف عنها عذاب الألم والمرض، وفشل الأطباء وفشلت الأدوية، وربما لهذا ودعتها بالحزن المكتوم الداخلي، وبعد أسابيع كنت أقود سيارتي في شوارع القاهرة، وفجأة توقفت وبكيت وحدي في تلك اللحظة أحسست بأنني «يتيم» بلا أب وأم، رغم الشهرة والأضواء والأصدقاء والمعارف والناس بالملايين من حولي، إنه الجزء الإنساني الذي يخصني وحدي، ولا يمكن لأحد أن يعوضني عنه، إلا أبي وأمي، لكن رحمة الله أوسع وأشمل، بوجود عائلتي، أولادي وزوجتي، فأنت أحياناً ترى أبيك في ابنك، وترى أمك في ابنتك، وزوجتك، وهي حكمة الله في التواصل والاستمرار.

موال من الشجن

يعتز عادل بذلك الوصف الذي أطلقه عليه الكاتب الكبير مفيد فوزي عندما كتب يقول: كان عبد الحليم حافظ يغني من منطلق شجن، وعادل إمام يضحك الملايين أيضاً من منطلق شجن، وتتجلى نقطة ضعف عادل في أولاده رامي، سارة، محمد، أنهم أولاد الحب، وقصة الزواج المختلف، أو على الطريقة العادلية الإمامية، فهل تعرف كيف تزوج الصعلوك المغرد في سماء الحرية؟.

اسمع يا سيدي: لم يكن في نيتي الزواج، نعم أحببت هالة، وأخذتها عن بعد، واختارتني عن بعد، لم أكن أملك من حطام الدنيا إلا «الصفر» أو أدنى منه قليلاً، لا اسم ولا مال ولا حاجة، ولكنه الحب، وقلت لها بصريح العبارة: يا بنت الناس أنا مش بتاع جواز، خلينا أصدقاء أحسن!

قالت لي بكل هدوء: ماشي، لكنها تزوجتني بعد أقل من عام، واستسلمت وقلت لها: إحنا كده أتجوزنا خلاص خلينا أصدقاء بقى وحلوين، ومفيش داعي للعيال في الوقت الحالي حتى تستقر أمورنا، قالت حاضر، وأنجبت رامي فقلت لها: ولد واحد كفاية ونعمة من ربنا حتى نربيه على أحسن وجه قالت حاضر، وأنجبت سارة، وهنا صارحتها: يا مدام هالة الحمد لله عندنا الآن ولد وبنت، شيء جميل جداً، عندنا الفتى، وعندنا الفتاة، وكفاية كده وقالت: عندك حق وأنجبت «محمد» ولم أتكلم بعد ذلك ولا هي أيضاً.

أنا أربي أولادي كما كان أبي يربيني، على الحق والمصارحة وفوق ذلك سمحت لأولادي بحق الفيتو، ويبدو أنهم أمسكوا فى هذا الفيتو بأيديهم وأسنانهم، ولم أجبرهم على شيء، أو كراهية شيء، وتركت لهم حرية الاختيار، وهو ما يمنحهم الشجاعة.

فاصل

جزء كبير من نجاح عادل ومصداقيته المناخ العائلي، وقد بحثت في هذا الأمر طويلاً وتوصلت إلى تفسير همست به إلى «عدولة» كما ندعوه: تعرف أن حياتك العائلية الناجحة أثرت على نجاحك الفني، لأن الناس على اختلاف مستوياتهم تأمن على أولادها وبيوتها معك، لأنك عائلي وأب وأخ وزوج ثم «جد»، فالإحساس العائلي اتسع معك ليشمل عائلة مصر، ثم العائلة العربية كلها وكأنك من أفراد كل أسرة من المحيط إلى الخليج، لأن ما يحدث معك تنقله بمصداقية للآخرين بثقة مطلقة، الأهم من هذا أن الشقاوة التي تقدمها على الشاشة هي عكس حياتك العائلية المستقيمة بخلاف أي ممثل قد يشاهده الناس في مشهد ساخن ولأن حياته مفككة وقريبة من المشهد يتصورون تطابقاً بين التمثيل والحقيقة يساعدهم على ذلك سلوكيات الفنان نفسه والشائعات والأخبار الشخصية التي تحيط به دون سواه، ويبدو أن التفسير أعجب «عدولة» فطلب لي «شاي»، لأن «الكشري المركب» الذي قدمه لزميلي حسن عبد الفتاح لا ينسجم معي.

لم يكتشف الأب عادل إمام أن ابنه الأكبر «رامي» له في الفن، إلا بعد أن تخرج من الجامعة الأميركية، كان يسمع أن له بعض الميول الموسيقية، ويجيد تذوق الفنون، وظهر معه في فيلم «النوم في العسل» على سبيل التجربة أو التسلية، حتى دعاه رامي لمشاهدة مسرحية أخرجها لزملائه من الشبان بعنوان «جزيرة القرع» واكتشف أن الفتى قد نضج، والمخرج ليس فقط صاحب رؤية، أنه أيضاً «قائد» عليه إدارة كل من يعمل معه وتوجيهه.

ويقول: عرضت عليه فكرة إخراج مسرحية «بودي جارد» ليس فقط لأنه أبني، حيث لا مجاملة في عملي ولا يمكن أن أضحي بنجاحي وجمهوري من أجل أن أتحول معه إلى حقل تجارب، وأثناء التحضير للمسرحية وبدون اتفاق معلن بيني وبينه كان هو المخرج، وأنا بطل العمل، استمع إلى توجيهاته وأنفذها، وأناقشه بحياد كامل، ونفس الشيء بالنسبة لباقي الزملاء، في إطار من الاحترام الكامل والثقة المتبادلة، ولا شك أن هذه العملية أخذت بعض الوقت حتى أنني في بداية الأمر كنت أقول لنفسي: «شوف الواد ابن الـ... أنا اللي جايبه.. ودلوقت بيعمل عليّ مخرج بجد، وأنا نجم كبير وأحسن من أبوه».

تدريجياً، بدأنا نتخلص من علاقات البيت «الأب والابن»، إلى علاقات العمل أو المسرح «المخرج والبطل» وكانت النتيجة والحمد لله مسرحية استمرت أكثر من 9 سنوات.

هنا أذكر أن حواراً دار بيني وبين عادل إمام بعد ظهور مسرحية «بودي جار» والإعلان عن اسم رامي كمخرج شاب فاهم وطموح، قلت له وقتها: من الضروري أن يتعامل رامي مع غيرك في المرحلة الحالية حتى لا يقال بأنه متخصص في أعمال أبيه.

 

فيلم للعلم

السفارة في العمارة

قصة وسيناريو وحوار: يوسف معاطي

إخراج: عمرو عرفة

تصوير: وائل درويش

مونتاج: ماجد مجدي

تاريخ العرض: 2005

زمن الفيلم: 120 دقيقة ألوان

الأبطال: داليا البحيري، خالد زكي، أحمد راتب، لطفي لبيب، عزت أبو عوف، وميسرة.

القصة

المهندس شريف الذي يعمل بشركة بترول بدولة الإمارات، ويقرر العودة إلى القاهرة ويكتشف أن الشقة التي اشتراها يسكن بجوارها تماماً السفارة الإسرائيلية ولأنه أبعد ما يكون عن السياسة، يضيق بالحراسة في دخوله وخروجه ويجد نفسه بسبب ذلك يتحول إلى بطل قومي ثم لنفس الأسباب يصبح العميل الخائن، حتى يفقد ابن صديقه الفلسطيني ويحدث التحول الحقيقي.

 

حكاية مشهد

أمام كل الناس في روما خلع عنتر جلبابه!

المشهد نهار خارجي وفي العاصمة الإيطالية روما، وعند النافورة الشهيرة التي يلقي فيها السائح.. بقطع النقود المعدنية وهو يهمس لنفسه بأمنية يتمناها.. وهي نافورة الفونتانا.

يظهر عنتر القروي الساذج الذي نصب عليه البعض بالسفر إلى إيطاليا وباع كل ما يمتلك من أجل حلم الثراء.. ثم يجد نفسه ضائعاً في تلك العاصمة الأوربية الواسعة.. لا مكان للنوم ولا في جيبه ما ينفقه على الأكل والشرب وعندما يتسكع هنا وهناك يجد نفسه عند النافورة ولأن الدنيا شديدة الحرارة يخلع ملابسه ويلقي بنفسه بسرواله الفلاحي الشهير لكي يلتقط العملة المعدنية التي استقرت في قاع النافورة ويتحول إلى صورة فولكلورية يضحك لها الميدان على اختلاف جنسياته.

ويلتقطه شاب مصري مقيم في إيطاليا:

الشاب: أنت مصري؟

عنتر: أنا مصري وأبويا مصري.. أنت طلعت لي منين.

ويأخذه الشاب إلى منزله ويبدأ في توفير النوم والطعام.. ثم يبشره بعد أيام أنه قد وجد له عملاً سيوفر له الكثير من المال.. وتحديداً في السينما الإيطالية.. ويخبره أن أبواب الحظ قد فتحت أمامه وبسذاجة عنتر يصدقه.

ويقول مخرج الفيلم أحمد السبعاوي إن سر نجاح عادل في هذه النوعية أنه يجيد تقديم دور الشباب الساذج البسيط لكن بطريقته الخاصة وكم من مرة كان بشكل عفوي تخرج منه لمحات لم تكن موجودة في السيناريو.

ومن هذه الأمور الجملة التي استوحاها من أغنية كانت شهيرة في هذا الوقت تقول: أنا م البلد دي!!

وعندما كان يرددها وهو المظلوم التعيس الذي لم يجد في بلاده الأمان المادي والمعنوي يكون للجملة فعلها الساحر.

وقد عشنا في روما عدة أيام لتصوير أغلب مشاهد الفيلم هناك وكان فريق العمل بسيطاً ولهذا السبب أيضاً نجح الفيلم لأنه قدم للمشاهد المصري والعربي أجواء أوروبية ولم نكن نجد صعوبة في التصوير الخارجي وجاءت المشاهد طبيعية.

النهار الكويتية في

03/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)