حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

يرى أن من بيده الأمر يتهاون مع "الإسفاف"

يسري فودة: الإعلام يتدهور

القاهرة - المعتصم بالله حمدي

يمتلك الإعلامي يسري فودة خبرات تلفزيونية عريضة اكتسبها من خلال سنوات في العمل الإعلامي، ورغم أنه كان نجماً في شبكة تلفزيون “الجزيرة” إلا أن شعبيته زادت بعد ثورة 25 يناير . نجح برنامجه “آخر كلام” في أن يفرض نفسه ويتصدر قائمة أبرز برامج “التوك شو” المصرية، وشكّل توقف البرنامج فجأة صدمة لجمهوره ولمحطة “أون تي في” التي يعرض عليها .

الحوار التالي يفتح ملف غياب فودة، ويتطرق إلى عدد من الموضوعات الأخرى التي يتحدث عنها بصراحة.

·         ما أبرز المضايقات التي تعرضت لها أخيراً، ما جعلك تعلق برنامج “آخر كلام”؟

- تحدثت عن هذه الأسباب في البيان الذي أرسلته لوسائل الإعلام وكان ملخصه أن هناك ثلاثة أشياء أحاول دائماً أن تبقى نصب عيني هي: ضميري أمام الله وواجبي تجاه الوطن وحرصي على القيم، وقفتي كمواطن يخشى على وطنه لا حدود لها، لكن وقفتي اليوم كإعلامي تدعوني إلى رصد تدهور ملحوظ في حرية الإعلام المهني .

·         وما هي ملامح هذا التدهور؟

- هناك تهاون ملحوظ مع الإسفاف “الإعلامي” وهذا التدهور،  نابع من اعتقاد من بيده الأمر أن الإعلام يمكن أن ينفي واقعاً موجوداً أو أن يخلق واقعاً لا وجود له .

·         ولكن هناك تأكيدات رسمية بأنه لا يتم التدخل في سياسات أي قناة،  وعدم إلزام الإعلام بسياسات معينة، فما تعليقك؟

- أقدر  كل هذه التأكيدات على المستوى الشخصي، لكن هناك أسئلة كثيرة على المستوى الموضوعي لا تزال في حاجة إلى إجابات، وأنا سعيد باشتراكي مع مجموعة من المبادرات الإعلامية التي تهدف إلى حصول شعب مصر على ما يستحق من إعلام مهني نظيف، وكانت البداية من خلال الاجتماع الأول للقناة الشعبية التي طرح فكرتها الإعلامي أسعد طه والكاتب بلال فضل، وقد أبديت تأييدي للفكرة ومساهمتي في القناة ببرنامج أسبوعي لمدة ساعة مجاناً دعماً للقناة فور إنشائها .

·         وهل يمكن أن تنجح فكرة قناة الاكتتاب الشعبي؟

- ولم لا، طالما أن شغلها الشاغل هو المواطن وشعارها الحرية .

·         كيف ترى التغير الذي حدث لدى الشعب المصري بعد الثورة؟

- الشعب كان يملك الرغبة في التغيير من دون امتلاك القدرة على التغيير وذلك قبل الثورة، أما الآن فأصبح يجمع بين الرغبة والقدرة، إضافة إلى أن الشعب المصري الآن وصل إلى درجة من الوعي لم يصل إليها قبل ذلك على الرغم من أنه تم التعمد في الفترة الأخيرة إلى وضع ضغوط، مباشرة و غير مباشرة، على من لا يزالون يؤمنون بالأهداف النبيلة للثورة ويحاولون احترام الناس واحترام أنفسهم .

·         ما الذي استفدته من عملك بقناتي الجزيرة و “بي بي سي” في متابعة ثورات “الربيع العربي”؟

- عملي هناك جعلني على دراية كبيرة بالأحوال الداخلية للبلاد العربية، خصوصا ما يجري الآن في ليبيا وسوريا واليمن .

·         ولماذا اخترت العمل في قناة “أون تي في”؟

- عندما عدت للعمل في مصر اخترت قناة “أون تي في”  مع أنها في ذلك التوقيت كانت قناة جديدة، ولكني أردت خوض التجربة وتحدي ذاتي، وعموماً منهجي واضح وهو أنه لابد ألا يختلط العمل الإعلامي بالسياسة وأن الإعلامي عليه أن يقول الصدق دائماً كالشاهد الذي يحلف اليمين أمام المحكمة .

·         وماذا عن مستقبلك فيها بعد توقف برنامج “آخر كلام”؟

- ما زلت لم أتخذ أي قرار بخصوص هذا الموضوع وأنا أحترم هذه القناة التي تتمتع بمهنية وموضوعية شديدة .

·         كيف ترى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

- هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها وضع اختيارات أمام الشعب المصري، إضافة إلى أنها المرة الأولى التي يجرى فيها المرشح للرئاسة وراء الشعب بحثاً عن الدعم، ولكنني أحذر من الانخداع في كاريزما بعض المرشحين للرئاسة أو الاستسلام لعناوين الصحف التي تحمل تصريحات للمرشحين، بل على المواطن إدراك ما وراء هذه العناوين، وعن نفسي لم أتخذ قراراً نهائياً بشأن تأييد أحد المرشحين للرئاسة .

·         ولماذا كانت استضافة الأمين العام السابق للحزب الوطني “المنحل” الحاكم سابقا حسام بدراوي في برنامجك؟

- عرفت حسام بدراوي قبل الثورة على أنه إنسان عقلاني بل إنه يقود تياراً إصلاحياً في مصر والحزب، واستضفته للحديث عن الثمانية والأربعين ساعة الأخيرة قبل التنحي بصفته شخصاً يمتلك صلاحيات الوصول للرئيس في ذلك الوقت .

·         ما تعليقك على الاعتصامات والإضرابات التي توقف عجلة الإنتاج في مصر؟

- أنا مع حرية التعبير عن الرأي ولكن لا توجد حرية بلا مسؤولية، فالاعتصامات التي تضر بالغير غير مقبولة .

·         هل مازلت تشجع نادي الزمالك رغم عدم تحقيقه للبطولات في السنوات الأخيرة؟

- أشجع الزمالك بسبب حبي لانتماء الضعفاء .

الخليج الإماراتية في

02/11/2011

 

شهدت طفرة في البرامج و"دخلاء" على عالم التقديم

فضائيات في حالة "توهان"

القاهرة - المعتصم بالله حمدي:  

عشرات البرامج التلفزيونية ظهرت في الفترة الأخيرة صاحبها ظهور مجموعة كبيرة من المذيعين يفتقدون للخبرة والموضوعية، بل وأبجديات مهنة الإعلام، كأنها أصبحت مهنة من لا مهنة له، وهو ما جعلها عرضة للهجوم من جانب المشاهدين الذين كانوا يأملون خيراً في الإعلام التلفزيوني المصري بعد الثورة، وألا يتحول إلى “سبوبة” كما يقال في العامية، كما أن هناك من يرى أن الدخلاء على مهنة تقديم البرامج التلفزيونية لن يستمروا طويلاً لأنهم يفتقدون الحضور ولا يمتلكون خلفية واضحة عن الموضوعات التي يتصدون لها، لدرجة أن هناك بعض مقدمي البرامج الرياضية يخصصون وقتاً من برامجهم للإفتاء في الأمور السياسية بشكل استفز المشاهد، وكان واضحاً أيضاً اعتماد الفضائيات على النجوم لتقديم برامج تلفزيونية فشاهدنا ماجد الكدواني وبسمة ومنى عبد الغني ودلال عبد العزيز وميرفت أمين وغيرهم يقدمون برامج مختلفة . حتى نجوم الثورة كان لهم أيضاً نصيب من كعكة البرامج التلفزيونية فشاهدنا الدكتور عمرو حمزاوي، والشيخ مظهر شاهين والشاعر عبد الرحمن يوسف والدكتور باسم يوسف وغيرهم .

في السطور التالية نتطرق إلى ظاهرة “طفرة البرامج التلفزيونية المصرية” في ظل وجود مجموعة جديدة من مقدميها، خاصة أنها تعرضت لهجوم كبير من جانب المشاهدين بعد أن غلبت العشوائية عليها وتاهت أفكارها وافتقدت التخصص، كما نستعرض أسباب لجوء بعض المحطات الفضائية لنجوم الفن من أجل الجلوس على كرسي المذيع .

في البداية، ترى الدكتورة أستاذة الإعلام هويدا مصطفى، أن الحرية والمسؤولية وجهان لعملة واحدة، موضحة أنها تتكلم عن حرية مسؤولة وليس تقييداً للحرية تحت دعوى تنظيمها، وأكدت أن المسؤولية أيضاً يجب أن تكون في تعددية الوسائل وحرية تداول المعلومات التي على أساسها يتم نشر الحقائق مبتورة، خاصة أن هناك فوضى في الوسائل الإعلامية حالياً تتمثل في بعض القنوات الفضائية التي أنتجت عشرات البرامج من دون أن تقدم أي جديد للناس وتتشابه أفكارها بشكل مستفز، كأن العقول قد أصبحت عاجزة عن الابتكار، وعلى أصحاب الفضائيات الجديدة تحمل المسؤولية تجاه “العشوائية” التي تدار بها شاشاتهم ولا يصح أن نشاهد مذيعين لا يمتلكون أدنى “كاريزما” ويفتقدون الثقافة والمعلومات العامة، بل قد يتسبب جهلهم في خلق أزمات في الشارع المصري .

وأبدى الإعلامي طارق علام دهشته من هذا الكم الكبير من البرامج التلفزيونية كأن المطلوب أن يكون لكل مشاهد برنامج، كما أن تدهور مستوى بعض الفضائيات أمر يدعو لإعادة النظر في جدواها وهل هي تخدم الإعلام والناس أم لها مصالح خاصة؟

وأوضح علام أنه من الطبيعي أن يمل الناس مشاهدة البرامج التي لا تحمل قيمة وتعتمد أحياناً على أسماء مقدميها، لأن تطور وسائل التكنولوجيا والمعرفة أتاح فرصاً للاختيار والمشاهد يمكنه بضغطة واحدة على الريموت كنترول أن يذهب للمحطة التلفزيونية أو البرنامج الذي يخاطب عقله ولا يلعب بمشاعره، كما أن افتقاد المذيع المهنية يفقده بريقه ويجعله في عزلة عن المشاهد .

الخبير الإعلاني طارق نور أشار إلى أن البرامج الجماهيرية تكون مصدر جذب للإعلانات وهي تعتمد على اسم مقدمها ومضمون البرنامج ومدى ثقة المشاهد بما يتناوله، وأيضاً الإمكانات الإنتاجية، ولأن الفترة الماضية شهدت ظهور كثير من البرامج فكان من الطبيعي أن تحدث غربلة لها والبقاء يكون للأفضل ومن المنطقي أن تتوقف تلك التي لا تصاحبها إعلانات لأن صاحب رأس المال لن يصبر كثيراً على خسائره ويريد تعويض ما أنفقه .

طارق نور أوضح أن نجوم الفن مصدر جذب للإعلانات ولذلك تتعاقد معهم الفضائيات لتقديم برامج ولكن تبقى فكرة البرنامج هي الفيصل في تحديد نجاحه واستمراره من عدمه، ولا يمكن لنجم أن يجذب المشاهد بفكرة ضعيفة ومستهلكة، ولذلك لا بد من التأني قبل إنتاج برنامج تلفزيوني والتدقيق في الفكرة ودراسة ما يطلبه الناس بعيداً عن الأفكار التقليدية المستهلكة .

مدير وحدة الدراسات الإعلامية والمعلوماتية بالمركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، الباحثة شيريهان نشأت المنيري، أكدت أن القائمين على البرامج التلفزيونية المصرية بما فيها برامج التوك شو لم يدركوا حتى الآن أن هناك خيطاً رفيعاً يفصل بين الحرية والمهنية الاحترافية وبين المشاركة في خلق حالة من الفوضى والبلبلة لدى الرأي العام الذي ينساق خلف ما تقدمه من مواد إعلامية .

وأضافت: إن ظاهرة هذه البرامج مرتبطة بشعور الإعلام بأنه تحرر من قيوده ما خلق نوعاً من التخبط إلى أن وصل إلى مرحلة الفوضى الإعلامية وخاصة منذ أن اختلط رأس المال بالإعلام الذي ساعد على صناعة إعلام عشوائي، كما أنه من الملاحظ أن تجربة الإعلام الخاص يشوبها الكثير من علامات الاستفهام إذ لم تعلن أي قناة صراحة أهدافها وتوجهاتها، وحتى الآن ما زلنا لا نفرق بين الملكية والإدارة.

وتابعت المنيري: هناك مدرستان في الصحافة الحوارية أو “التوك شو”، الأولى: هي ألا يكون المحاور أكثر من وسيط يعطي الفرصة لكل الآراء ثم يسلط الضوء على نقاط معينة ويترك للمشاهد تكوين رأي خاص به، والثانية: تعطي للمذيع الحق في أن يتدخل برأيه وألا يكون مجرد مقدم برنامج بل يتجاوز في بعض الأحيان ليصبح طرفاً في الحوار . . والخبراء والمتخصصون مع المدرسة الأولى لأن الإعلامي الحق يجب ألا يدلي بوجهة نظره أو موقفه من موضوع الحوار المطروح، بل هو مجرد محرك للحوار ومساعد في عرض آراء الضيوف وطرح جميع الآراء والأفكار للمشاهدين بشكل واضح ومحايد، وهذه العناصر للأسف يفتقدها الدخلاء الجدد على دنيا البرامج التلفزيونية .

أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور صفوت العالم، أكد أن هوجة تقديم البرامج التي واكبت ظهور الفضائيات الجديدة لا تتفاعل مع نبض الشارع حيث خلت البرامج التي تقوم بتوعية الجماهير بمخاطر الشائعات التي تؤثر في أمن واستقرار المجتمع، كما افتقدت المهنية والحيادية في نقل الأخبار والأحداث، واعتمادها على التقليد بدلاً من الإبداع والمنافسة . وأوضح العالم أن الفضائيات تقبل الآن على التعاقد مع مجموعة من النجوم يفتقدون أي خبرات إعلامية من أجل تقديم برامج استناداً إلى شهرتهم التي من الممكن أن تحقق مردوداً إعلانياً لكنها لا تقدم خدمة للمشاهد، بل تشتت ذهنه وتسهم بشكل كبير في تدمير وعي الشباب، فهي ترفع شعار “الصوت العالي” وتعتمد على مواجهات بين أفراد يختلفون في الرأي، ومن الممكن أن يتشاجروا في الاستوديو وبالتالي يخلقون شكلاً جذاباً للجمهور، وفي الحقيقة هي برامج فارغة تفتقد المضمون ولن تستمر طويلاً، لأنها نتاج مرحلة فرز والجمهور سيتصدى لها .

الإعلامي محمد عبد المتعال، مدير شبكة تلفزيون “الحياة” التي تعتمد سياستها على التعاقد مع النجوم لتقديم البرامج، وكان آخرهم ميرفت أمين ودلال عبد العزيز في برنامج “مساء الجمال مع ميرفت ودلال”، ورولا سعد في برنامج “رولا شو” وسعد الصغير في برنامج “المولد”، قال: من الطبيعي أن نتعاقد مع نجوم في الفن والرياضة وغيرهما من مجالات الحياة من أجل تقديم برامج جديدة، لأن هؤلاء النجوم يتمتعون بشعبية كبيرة وبالتالي يستقطبون اهتمام الناس، لكننا لا نعتمد على الأسماء فقط ونحرص على التجويد وتقديم إعلام هادف،  وحتى في البرامج الترفيهية لا نقدم إسفافاً أو ابتذالاً ونحافظ بشتى الطرق على اسم الشبكة التي نالت جماهيرية عريضة في العالم العربي، وبالنسبة لما يقال عن ندرة المذيعين المهنيين في مصر فإن هذه المشكلة يمكن تجاوزها في الفترة المقبلة من خلال مزيد من التوعية والتدريب لشباب الإعلاميين الذين يمتلكون موهبة حقيقية ويحتاجون وقتاً لاكتساب خبرات تمنحهم فرصة التصدي لبرامج تلفزيونية قوية .

وحذر عبد المتعال من فوضى البرامج التي تبحث عن “الشو” والإثارة هدفها الرئيس لأنها تؤجج الفتنة بين الناس في المرحلة الدقيقة التي تعيشها مصر، ويجب التدقيق في اختيار المذيعين والالتزام بالتخصص، بمعنى أنه لا يمكن مثلاً لمذيع برامج رياضية أن يناقش الأحداث الجارية في مصر بعمق وهو يفتقد مقومات معرفته بالموضوعات التي يناقشها .

أستاذ الإعلام، الدكتور هشام عطية، قال: مع زيادة عدد الفضائيات عقب ثورة 25 يناير، وانتشار برامج “التوك شو” في كل هذه الفضائيات بل القنوات الأرضية، أصبحنا في “سوق” يختلط فيها الجيد بالمتوسط بالرديء، وهو ما يجعلنا نصك شعاراً على هذه الأمواج من برامج التوك شو، وهو “قليل من الأفكار كثير من السلبيات، قليل من الإبداع كثير من الإثارة غير المهنية” .

وأضاف: البرامج الآن، خاصة التوك شو أصبحت سماتها مناقشة القضايا المختلطة ومصادر المعلومات المشوشة، وتجهيل المعلومات، وتعمد إلى إفساد الوعي والمعرفة، كما أن هناك فضائيات تفتح أبوابها من دون منطق اقتصادي وإعلامي، وهذه قائمة على برامج التوك شو التي سبق أن فشل مقدموها في التواصل مع الجماهير، فهم يظهرون ثانية بنفس الأفكار، وإن كانت في صياغات جديدة، ويحتلون مساحات من حياة الناس بكلام خال من المعنى، فوجوه كثيرة كان يجب أن تبتعد بعد الثورة المصرية لكنها تعود وتلح رغم أن أداءها قد قل ولا يناسب عصراً جديداً تعيشه مصر، أو يتم استيراد آخرين لها من دول أخرى، وهو ما أرجعه إلى “الاضطراب المعرفي”، كأنه أصبح مقدراً، ومن العرف أن يكون لدى كل قناة جديدة برنامج من نوعية التوك شو سواء كان فيه ما يستحق أن يقال أو لا يستحق، لكن ذلك يأتي من دواعي التقليد، وسوء الأداء المهني، وافتقاد أسس العمل الإعلامي .

كما أوضح الدكتور هشام أن اعتماد البرامج على “المذيع النجم” هو نوع من الكسل الإعلامي الذي يغلف أداء غالبية الفضائيات، حيث تعتمد على السعي وراء الأسماء التي هي أشبه بعلب الطعام المحفوظ .

وربط أستاذ الإعلام بين البرامج التلفزيونية الآن ومفهوم اقتصادات الفضائيات، قائلا: من المعروف أن أي محطة تلفزيونية أو إذاعية تعد مؤسسة لها جدوى اقتصادية، عن طريق مستثمر يضخ أموالاً ثم يحقق مكسباً بعد ذلك من خلال الإعلانات، لكن في الحقيقة لدينا عشرات علامات الاستفهام من الجدوى الاقتصادية لبعض المحطات في الوقت الحالي، فقد لا تحقق مكسباً بما يغطي نفقاتها، وأخرى لا تبدي شفافية في الإنفاق وليس لديها بيانات تبين حجم الإيرادات، والمفارقة أنه في ظل الركود الاقتصادي وانخفاض الإنفاق على الإعلان تزداد حجم الفضائيات، ويطل علينا ممولون ليس لهم علاقة بالإعلام، وهو ما يجعلنا نقول إن غالبية هذه المشروعات سياسية أكثر من كونها إعلامية، فما الداعي لبث باقة قنوات وجميعها تخسر؟ ولذلك لا بد من وقفة حاسمة لنعرف لماذا تصدر هذه الفضائيات، وما علاقتها بمؤسسات الإعلام في العالم، فالمشهد الإعلامي في مصر اليوم يحتاج إلى فك غموضه وفض اشتباكه بالسياسة، بعد أن أصبح لا ينتمي لنظم الإعلام في شكلها المسؤول .

الفنانة رولا سعد شددت على أن تعاقدها مع تلفزيون “الحياة” لتقديم برنامج تلفزيوني مرتبط في المقام الأول بشهرتها في الوطن العربي وثقة الجمهور بها، وهي تهتم بشكلها ونجوميتها ولا يمكن أن تقدم برنامجاً ضعيف المستوى خاصة أن لها تجربة سابقة وناجحة مع البرامج التلفزيونية، وحتى برامج المسابقات لا بد أن تحمل اختلافاً وشكلاً جذاباً حتى يثق بها المشاهد سريعاً .

أما الفنان أشرف عبد الباقي الذي تخصص في تقديم البرامج التلفزيونية وله خبرات عدة في هذا المجال وآخرها برنامج “أجدع ناس” على شاشة قناة “المحور”، فأكد أن المسألة عرض وطلب ولا يمكن لقناة أن تتعاقد مع نجوم بأجور كبيرة من دون أن تضمن تحقيقها مردوداً مادياً ولا يمكن تجاهل دور النجوم في تسويق البرامج ومع زيادة عدد المحطات الفضائية أصبح هناك إقبال على عرض برامج يقدمها النجوم خاصة الفنانين .

وعبَّر عبد الباقي عن ضيقه من مسألة العشوائية والتخبط الذي تظهر به بعض البرامج وهي تقلل من شأن أصحابها، لأن للإعلام دوراً خطراً وبخاصة التلفزيون الذي يدخل كل البيوت، كما أن هناك من يتحدث في كل المجالات بشكل مستفز كأنه “أبو العريف”، والفضائيات المصرية لا بد أن تقوم بدورها على أكمل وجه والتدقيق في اختيار مذيعيها مع ضرورة تقديم مجموعة متنوعة من البرامج تجمع بين الجدية والترفيه وترفع شعار الموضوعية .

الخليج الإماراتية في

02/11/2011

 

تصدير التلفزيون!

محمد موسى  

يمكن الآن، وبفضل التكنولوجيا التلفزيونية الرقمية المتطورة والأمكانيات التي تقدمها شبكة الانترنيت، لمشاهد التلفزيون العربي المهتم من الاطلاع على "نسخ" اجنبية متعددة لبعض البرامج التلفزيونية التي تعرض على شاشاته العربية المفضلة. بل يمكن الوصول الى النسخ الاصلية لهذه البرامج، والتي جذب نجاحها الاول في بلدانها، منتجو تلفزيون حول العالم، لتقديم نسخ محلية من هذه البرامج، على أمل تحقيق النجاح ذاته.

واذا كانت معظم القنوات التلفزيونية العربية والتي بدأت منذ سنوات بشراء حقوق برامج عالمية، اتجهت الى شراء حقوق "تعريب" برامج تلفزيون الواقع وبرامج اكتشاف المواهب. بقيت معظمها بعيدة عن مسلسلات الكوميديا او الدراما لاسباب تتعلق بالمصاعب الانتاجية التي تحيط بعمليات اعادة انتاج مسلسلات كاملة، يبقى النجاح فيها غير مضمون بالمرة، لاعتبارات تتعلق بالكتابة التلفزيونية المبتكرة، والتي تشترطه اعادة تقديم هذه المسلسلات، والتي تمثل احدى المشاكل الكبيرة لصناعة مسلسلات الدراما او الكوميديا في العالم العربي.

من هنا يكتسب الفيلم الامريكي التسجيلي (تصدير رايمون) والذي عرض في الولايات المتحدة الامريكية في العام الماضي، وعرضته احدى القنوات الهولندية مؤخرا، اهمية كبيرة لصناع التلفزيون حول العالم. فالفيلم يكشف المراحل المعقدة لاعادة تقديم مسلسل كوميدي امريكي، نجح بشكل باهر حول العالم، الى الجمهور الروسي، وبنجوم ومواضيع محلية. ومع الجانب المتخصص الذي يقدمه الفيلم، والذي يتوجه الى "أهل المهنة" من العاملين في صناعة برامج التلفزيون، يقدم الفيلم كثير من الكوميديا المسلية، كذلك يسعى للاقتراب من روسيا الحديثة، فيقدمها كبلد منهكة، تحاول اللحاق بالعالم، من دون ان تتخلص تماما من تركة ماضيها، كبلد كان يشارك الولايات المتحدة الامريكية الهمينة على العالم. قبل ان تجتاحه التغييرات، ليتحول الى مستهلك للماكنة الاعلامية الامريكية.

يكشف الفيلم، الشروط التي تضعها القنوات التلفزيونية لمنح حقوق تقديم برامجها بلغات اخرى. فسياسية القنوات البعيدة الاجل، تجعلها تتدخل في كل تفاصيل اعادة الانتاج هذه، للحفاظ اولا على سمعة برامجها التي سيعاد تقديمها، وايضا لضمان نجاح البرامج والمسلسلات تلك، على امل ان تستمر في مواسم قادمة، وما يعنيه ذلك من اموال اضافية للقنوات الاصلية. فقناة (سي بي أس) المنتجة لمسلسل ( الكل يحب رايمون) ،موضوع الفيلم التسجيلي، توفد فريق كامل الى العاصمة الروسية موسكو من اجل الاشراف على كل المراحل الانتاجية لاعادة تقديم باللغة الروسية، من عمليات إختيار النجوم الى تصوير الحلقة التجريبة من المسلسل.

يرافق مبتكر مسلسل ( الكل يحب رايمون) فيليب روزنتهال (اخرج الفيلم التسجيلي ايضا)  فريق قناة (سي بي أس) التلفزيونية الامريكية الى مدينة موسكو. وهو الذي سيحظى بالاهتمام الاكبر في الفيلم التسجيلي، بسبب علاقته الخاصة بالمسلسل، الذي كان نجاحه الاول في عالم التلفزيون. لذلك سنراه وهو يتدخل في عديد من التفاصيل الصغيرة، ويجتهد كثيرا لكي ينقل الاسباب التي تقف وراء نجاح المسلسل الاصلي الى منتجيين روس يفكرون بسوق محلية تشترط كوميديا قريبة من روح المجتمع الروسي وتناقضاته ، لكنها تخضع في الوقت نفسه لضغوطات ايجاد النصوص الجيدة ، واغراء الاستفادة من نجاحات الغير التلفزيونية .

وكانت اولى معضلات العمل الامريكي الروسي المشترك، هو اعادة تقديم العلاقات الخاصة بين ابطال المسلسل الكوميدي الامريكي الناجح ( عرض بين عامي 1996 و 2005 )، والتي هي اساسية للكوميديا التي يقوم عليها بناء المسلسل، الى جمهور روسي مختلف بمرجعياته وتركيبتة الاجتماعية والاخلاقية. هذه المعضلة تقود الى سؤال الكوميديا المعقد. لماذا نضحك على موقف ما ؟ وهل نضحك على الاشياء نفسها ؟ وعن مدى تقبلنا للفكاهة القادمة من ثقافة مختلفة، والاستقبال المختلف للكوميديا التي تصدر من بلداننا وبلغاتنا الاصلية؟. لا يجيب الفيلم على كل هذه الاسئلة. لكنه يصل الى خلاصات بان عمل مشترك بهذا التعقيد يحتاج الى تنازلات وتفهم من الجميع. وان النتائج لن ترضي الاطراف المشتركة بشكل كامل.

تحت سطح "العمل التلفزيوني" المشترك، يشاكس فيلم (تصدير رايمون) ماضي العلاقات الامريكية الروسية، ويعرض، دون تشفي، حال "روسيا" اليوم، فاستديوهات السينما الروسية العريقة، تحولت الى انقاض، تهمين عليها قنوات تلفزيونية تجارية  روسية، يديرها رجال اعمال، مشغولون بالارباح التجارية. وموسكو كما يقدمها الفيلم، مدينة عليلة، يغيب عنها الامن، فالزائر المهم يحتاج الى شركات امنية متخصصة ترافقه في سفرته. وإلا سيتعرض الى الجريمة التي تفتك بالبلد منذ سنوات.

رغم كل العقبات الجدية التي كادت ان توقف العمل المشترك، تنجح قناة تلفزيونية روسية في انتاج موسم من مسلسل ( الكل يحب رايمون) والذي عرض في عام 2009، ليتسلق مباشرة مجموعة افضل المسلسلات الكوميدية مشاهدة في روسيا، مع خطط لانتاج مواسم قادمة من المسلسل.

ينتهي الفيلم التسجيلي بلقطات من النسخة الروسية الناجحة من المسلسل الامريكي. بالابطال الروس(والذين شاهدناهم مرارا يصلون متعبين وبلا بهجة الى الاستديو القديم في موسكو من اجل تمارين جديدة) وهو يقدمون الكوميديا الصاخبة. انها قصة المهرج مرة اخرى، الذي يمنح الضحكات من قلبه الحزين. لكن الحزن ليس في قلب المهرج وحده هذه المرة، هو يتربع ايضا ، وكما شاهدنا في الفيلم التسجيلي ، في حياة جمهوره والمدينة والبلد الكبير.

الجزيرة الوثائقية في

02/11/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)