حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دراما رمضان التلفزيونية لعام 2013

سير

وحلقات

يومية

في

رمضان

اعتراف صريح:

أنا فشلت بامتياز.. مع «الملك»!!

القاهرة - سمير الجمل

نور الشريف.. ملك و4 رؤساء

في كل الاتجاهات وزع طاقته الفنية.. عمل في السينما وحول الكثير من الأشرطة إلى علامات.. وتعامل مع ميكرفون الإذاعة.. يضع كل قدراته الفنية في صوته فقط.. وبدأ في التلفزيون مع بداياته.. وحقق نجاحاً في مسلسل «القاهرة والناس».. ولكنه ظل يتعامل مع المسرح بقدسية خاصة وجلال.. ومهما ابتعد عنه يقترب منه.. كأنه يبحث عن الممثل الحقيقي في لحظات تواجده الحية مع الجمهور الحي في اللحظات الحية بعيداً عن الأشرطة والتسجيلات والإعادة.. إذا جاءت الفرصة في الكوميديا المسرحية فلا بأس.. وإذا طلبه المسرح الحكومي فلابد أن يستجيب وللمسرح القومي درجة فوق كل المسارح الأخرى.

حلم المسرح الخاص

يعترف نور الشريف بأنه فشل مسرحياً في مسرحية «بعد أن يموت الملك» ويعترف أكثر أن الفترة التي قضاها معيداً بمعهد الفنون المسرحية.. أو التي قضاها موظفاً في المسرح القومي كانت مجرد استراحة بحيث يحصل في نهاية كل شهر على مرتب قدره 32 جنيهاً بالتمام والكمال ولم يقدم في هذه الفترة إلا مسرحية «ست الملك» وقد ساهم في إعداد بعض النجوم كانوا يجلسون في مقاعد التلاميذ وهو معيد يدرس لهم مثل احمد زكي ويونس شلبي واحمد عبدالوارث ولهذا ظل يحلم بمسرح خاص.

ولم يكن سهلاً أن يحقق هذا الحلم إلا بعد التجربة الناجحة التي خاضها في المسرح الخاص عام 1978 عندما التقى بالكاتب علي سالم في مسرحية «بكالوريوس في حكم الشعوب» التي أخرجها شاكر عبداللطيف وقدمت على المسرح الجديد.. ومن خلالها ظهر الوجه الجديد «ليلى علوي» التي لعبت دور «عايدة».. بينما لعب نور الشريف دور «طارق».. وتألق على الشريف في دور «كاباكا»، وفي هذه المسرحية أيضاً ظهر احمد بدير كنجم كوميدي جديد.. هذه المسرحية قلبت كل الموازين عند عرضها فهي تتناول مسألة صناعة الحاكم في دول العالم الثالث وكيف من خلال وجود مجموعة من الطلاب في مدرسة عسكرية

هي إذن مسرحية سياسية جادة لكنها حافلة بالضحك إلى درجة البكاء.. وقبل نهاية الفصل الأول يقف أحمد «أحد تلاميذ المدرسة ليقول لطارق بطل المسرحية». 

أحمد: أسمع يا طارق.. خلص الهزار.. مباقاش إلا الجد.. إذا كان قدر البلد أن العسكريين يحكموها.. يبقى لازم أنت اللي تحكم.. لما الانقلاب يخرج من المدرسة دي.. يبقى لازم أنت اللي تقوم بيه.. أنا ماضمنش حد تاني.. أنت إنسان مثقف وقارئ وعندك مبادئ وبتحب بلادك وأذكى من المدير والمشرف.. وإحنا أكثر طهارة من سنة تانية وثالثة ورابعة أحنا كنا لسه مدنيين من أربعة شهور يعني هيبقى فينا مزايا الحكم المدني والحكم العسكري.. هم لا.. هم خلاص بقوا عسكريين الأهم من كده يا طارق.. ممكن يكونوا بيشتغلوا لحساب جهة أجنبية.. أحنا هنشتغل لحساب بلدنا.. طارق إذا كنت بتحب بلدك بصحيح تقوم لإنقاذها أنا عن نفسي نسيت كل أحلامي.. وبافكر في حاجة واحدة وبس.. البلد.. أنا متأكد أنك لو حطيتها في مخك.. هاترسم خطة ناجحة مية في المية. طارق قلت أيه؟ الوقت بيجري قلت أيه؟.

ومن النجاح الذي حققته هذه المسرحية على كافة المستويات أستلهم نور الشريف بعد ذلك فكرة اللقاء مع الكاتب علي سالم وتكوين فرقة مسرح الممثل عام 1982 في محاولة منهما لإيجاد محاولة توازن بين الضحك والجد.

كانت تجربة «البكالوريوس» حافلة بالكثير من الخبرات.. كانت أيضاً «الجسر» الذي عبر عليه نور إلى تحقيق حلمه الخاص بمسرح خاص رخيص في تذكرته.. غني في فنه وفكره.. يجد فيه المتفرج البسيط أحلامه المبعثرة وضحكته الغائبة.. وأفكاره التي تبحث عن تبويب وإعادة صياغة.. ينظر من نافذة هذا المسرح إلى الحياة نظرة جديدة لامعة.

ومن خلال نصوص «علي سالم» وعقليته المسرحية الخالصة.. وجد ضالته المنشودة على الأقل أن يشبع رغبته كممثل ومخرج مع إيقاف التنفيذ، وتم الاتفاق بالفعل على أن تكون فرقة مسرح الممثل عام 1982، وفي الإسكندرية قدمت باكورة أعمالها وأخرى أيضاً بعنوان «سهرة مع الضحك» تضمنت ثلاث مسرحيات هي: المتفائل، والمؤلف في شهر العسل وهما إخراجي، ثم «الكاتب والشحات» من إخراج علي سالم نفسه.. كانت التجربة في حد ذاتها مغامرة أكثر منها فعلاً مسرحياً بين فناني المسرح وجمهوره عبر وسيط مسرحي لأن عواصف المسرح التجاري كانت عاتية.. وكفيلة بإغراق مثل هذه المغامرة التي لا تستهدف إلا وجه الفن الخاص وتعويض خسائرها المادية على من تحملوا عبء تقديمها.. وكان ملفت للأنظار أن يقدم المسرح الخاص ثلاث مسرحيات في سهرة واحدة.. ونجحت التجربة بالمقاييس العقلانية المحسوبة للنجاح.. ولو كانت قد نجحت بالمقاييس المجنونة.. لأعلن نور الشريف ممثلاً ومنتجاً ومخرجاً أنه سيخصص كل وقته للمسرح «أبو الفنون» وأبوه هو شخصياً ونفس الحال بالنسبة لكاتب مناضل في ساحة المسرح مثل علي سالم ينفرد بين كل كتاب جيله بأنه يمسك خيوط الجد والهزل والضحك والبكاء معاً وباقتدار وليس غريباً عليه أن يكون كذلك وتاريخه كمؤلف يضم «عفاريت مصر الجديدة» أنت اللي قتلت الحنش، عملية نوح، بكالوريوس في حكم الشعوب، الملوك يدخلون القرية، بين القمح، الملاحظ والمهندس، خشب الورد، وغيرها وهو أيضاً صاحب «مدرسة المشاغبين» التي غيرت وجه المسرح التجاري الخاص في مصر شكلاً ومضموناً إلى الأسوأ طبعاً.. ليس لضعف النص ولكن للتجاوزات الصارخة التي حدثت على أرضه وفوق ضفافه.

يتحدث نور الشريف عن علي سالم فيقول: «أحترم في هذا الرجل كلامه عن النص المسرحي حيث يقول: تكمن أهمية النص المسرحي في أنه خطة محكمة ومتقنة للتمثيل والنص الذي لا يتيح إبداعاً ومتعة للمثل قبل المتفرج لا أهمية له مهما بلغت نبل الأفكار التي يقدمها ومهما بلغت حسن نواياه، لذلك فالخروج عن وعلى النص المسرحي هو خروج عن خطة التمثيل التي هي أساس فن المسرح.. خروج إلى دائرة مظلمة.. ودور المخرج بالنسبة للنص المسرحي هو نفس الدور الذي يقوم به قائد الأوركسترا.. إن مهمته هي وضع الإطار المبدع لخطة التمثيل وقيادة فريق العاملين خلف الكواليس وأمامها من أجل الهدف النهائي للعرض المسرحي وهو إحداث حالة «المسرح» العذبة التي تستولي على المتفرج، ولا مفر من الاعتراف إننا جميعاً نحن العاملين خلف الكواليس نضع رقابنا في أيدي الممثلين وبإمكانهم أن يصعدوا بالعرض المسرحي إلى عنان السماء وباستطاعتهم أيضاً النزول إلى أسفل السافلين. هذا أمر يتوقف على درجة ثقافتهم ووعيهم وإيمانهم بالمسرح كفن ورسالة.

أنا مؤمن تماماً بكلمات علي سالم كميثاق شرف للعمل المسرحي الجيد والجاد من خلال هذا المفهوم اشتركنا في تقديم «سهرة مع الضحك» ولم يكن سهلاً أن تشكل مسرحية واحدة تياراً في السوق التجاري بهذه السهولة لكننا على الأقل وضعنا نموذجاً وانصرفنا.. وأعتقد أن المسرح الخاص في مصر قد بدأ في السنوات الأخيرة يبحث عن الجدية بعد أن أستنزف كل وسائل التسلية والتهريج السطحية.. وما يقدمه جلال الشرقاوي في فرقته وما يقدمه محمد صبحي ولنين الرملي نماذج لا يمكن تجاوزها بدون وقفة أمامها.. مع الاجتهادات الأخرى التي تأتي من هنا وهناك.

تجربة المليم

لفترة طويلة ظل نور الشريف بعيداً عن المسرح حتى نجح المخرج الكبير «جلال الشرقاوي» في إعادته عن طريق مسرحة «المليم بأربعة مليم» من خلال النص الذي كتبه أبو العلا السالموني وشاركته نورا في بطولته.. وكان العمل يلقي بظلاله على عمليات الاحتيال التي تتم على المواطن المصري وخاصة تحت «ستار الدين» ولهذا جرت حولها عملية تعتيم متعمدة من البعض وعلى الرغم من قصر مدة العرض. إلا أن التجربة كانت أيضاَ مفيدة ويكفي أنها بالنسبة لنور الشريف تمثل قراءة إضافية للمناخ المسرحي في شقه التجاري هو الذي أعترض أيام السادات على ما يسمى «التنمية الشعبية» وغياب الدور الثقافي وربط الفن بالربح والخسارة وحذر من هذا الاتجاه سيؤدي إلى انهزام المؤسسات الثقافي وهذا ما حدث بالفعل.. وقد كان المستوى الفني الجيد يأتي غالباً من مسرح القطاع العام وبالمفهوم الذي يسعى مدير كل فرقة إلى تحقيق أكبر ربح ممكن بأي أسلوب متاح حتى لو كان على حساب المستوى الفني واحترام عقلية المتفرج.

وهنا يقول نور: وزاد الأمر سوءً رفع سعر التذاكر في القطاع العام، الأمر الذي يرفع حجم الإيراد بأقل عدد من الرواد، وبالتالي غابت الطبقة الوسطى عن الثقافة.. وغابت الثقافة عنها لارتفاع كلفتها وأصبحت هذه الطبقة في الذيل ليس على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فقط.. لكن على المستوى الفني والثقافي أيضاً، وكانت هذه الطبقة هي العامل الأساسي لتلقى الفنون والثقافة بأنواعها. وأنا أرى أن الخدمة الثقافية يجب أن تقدم لهذه الطبقة مجاناً.. وأن نزرع القيم الثقافية في أولادنا منذ الصغر.. إنهم لا يعرفون الوجه الحقيقي للمسرح

ومع ذلك أنا لا أعفي رجال المسرح من مسؤولياتهم.. لقد توقف الجميع وغاب الحماس وأنسحب أهل المسرح الأصيل وتركوا الساحة لبعض المرتزقة وأنصاف المواهب وعديمي المنهج الدراسي أو الموهبة الفطرية الفذة.

قد يسأل البعض «ولكنك تعود إلى المسرح الخاص «موسم 1992» من خلال مسرحية «كنت فين يا علي» وإجابتي في هذا الشأن واضحة وصريحة.. أنظروا من هو مؤلف المسرحية؟.. إنه «يوسف عوف» وهو رجل خبير في الكتابة الكوميدية الهادفة.. وأحد أقطاب فرقة ساعة لقلبك.. والمخرج هو المبدع الشاب عصام السيد.. ومعي الفنان الكبير محمد عوض والزميل سعيد عبدالغني.. وبوسي. وقد وجدت أن النص خفيف الظل عميق في مضمونه وأنا لست ضد الضحك.. بالعكس أنا أرى أن الضحك أو الكوميديا المسرحية وسيلة مضمونة لتوصيل الرسائل الجادة جداً للمتفرج وقبل «كنت فين يا علي» شاركت من خلال فرقة أكاديمية الفنون في بطولة مسرحية «كاليجولا» مع الزميلة إلهام شاهين وإخراج أستاذنا سعد أردش.. وهذه الفرقة كانت حلماً من الخيال وقدر لها أن تستمر كمنارة لدفع الحركة المسرحية وتنشيطها بتقديم الأعمال التي يصعب على القطاع العام بموظفيه والمسرح الخاص بمحترفيه تقديمها.. ولكن يبدو أن هناك من تزعجه مثل هذه المبادرات ويحاول إفسادها بشتى الطرق.. وتحجيمها وكنت أتصور أن كل الزملاء المشاهير من خريجي الأكاديمية سيعطون بعض الوقت لتقديم مثل هذه الأعمال. أنا حقيقة شعرت بمتعة غير عادية وأنا أقدم «كاليجولا آلبير كامي» وأصرخ في نهاية المسرحية

مازلت حياً.. هذه المسرحية قدمت أكثر من مرة.. وفي أكثر من مكان.. وبالمصادفة أقر بها الأستاذ يوسف شاهين لفرقة الكوميدي فرانسيز، وكنت أود بالطبع أن يكون هناك تنسيقاً بين كاليجولا المصري والفرنسي على الأقل بعرض العملين في مكان واحد للمقارنة.. فليس هناك ما يمنع من تقديم العمل بعدة زوايا.. وأتذكر هنا هذا المقطع من مسرحية «الكاتب في شهر العسل» لعلي سالم ففيه الكثير من الأفكار التي أعتنقها عن إيمان وحب.

الكاتب: أنا سليم وعندي الدليل.. فني.. طول ما أنا بانتج فن جيد يبقى صحتي النفسية سليمة، المقاييس بتاعتك دي تطبقها على الناس العاديين.. لأنهم بيتعاملوا بالحواس والعقل.. أنا لا، الفنان لا، الفنان جواه جهاز سحري مقدس.. بيشوف بيه الدنيا.. الجهاز اللي جوايا بينور أحمر في كل لحظة.. ينبهى أن فيه حد بيفتش جوايا.. فيه حد بيراقب عقلي.. حد بيرصد أفكاري.. مين هو؟.. ماعرفش.. لكن ده كله مش بيأثر على حياتي وإذا انتقلنا سوياً من الكاتب في شهر العسل إلى المتفائل نجده يقول للسكرتيرة وينتظر الدخول إلى المسئول الكبير الذي جاء يشكو إليه وأكتشف أنه ينتظر العدم.. المتفائل: عارفه حضرتك الدنيا مابتمشيش لقدام ليه.. عشان المفكرين بييأسوا بسرعة مابيتحملوش الانتظار في مكاتب المسئولين.. أنا شخص مختلف أنا متفائل.. متفائل جداً قليل من الناس اللي بيحملوا التاريخ على كتفهم وبيمشوا به لقدام لسبب بسيط إنهم متفائلون.. مؤمنون بالإنسان.. وبطاقة الخير اللي جواه.

الفارس والأسيرة

وعبر الشريط المسرحي للفنان نور الشريف لابد من التوقف أمام مسرحية الفارس والأسيرة التي كتبها د. فوزي فهمي وأخرجها زميل الدراسة المرحوم د. عوض محمد عوض وقدمها المسرح القومي عام 1979 وشاركت في بطولتها الفنانة فردوس عبدالحميد.. ولعب نور الشريف دور «بيروس» الذي يسعى نحو اختياراته الجديدة متجاوزاً عذاباته الفردية ليحقق حلم وطنه، ولكن ماضيه يطارده ويفسد هذه الاختيارات ويدرك بعد ذلك أن اختياراته مقيدة بنظام أكبر لأشياء تفوقه.

الكاتب: أنا سليم.. وعندي الدليل فني.. طول ما أنا بأنتج فن جيد.. يبقى صحتي النفسية سليمة والمقاييس بتاعتك دي تطبقها على الناس العاديين لأنهم بيتعاملوا بالحواس وبالعقل.. أنا سحري مقدس.. بشوف بيه.

وهو الذي يحدد له الثمن الذي يجب أن يدفعه.. لكنه في النهاية يعلن عن هزيمة الإنسان الحاكم في اختياراته كفرد عليه أن يتحملها وحده وأن يدفع ثمنها وحده لا أن يدفع أهل مدينته هذا الثمن وكان كلمات «بيروس» الأخيرة بين القادة هي خلاصة الحكمة والمتعة كل ليلة، حيث يقف «نور» ليقول باسم «يروس» في هذا الزمن الملعون يبقى دائماً المكان خالياً لمن له طاقة احتمال لطموح أكبر، من لا يشقيهم القلق اليومي خوفاً على مغنم أو سلطة، من تخلصه من كل احتياج، وتنمو في داخله طاقة حس تدرك ما يرغبه الناس، كي يبدو العالم أكثر بهجة فينذرون العمر كي يتحقق حلم البسطاء.. فليس عدلاً أن يتشرب الإنسان عمره حرماناً وعجزاً، أو حتى يشربه حلماً ووعداً، وكأنه يعيش ملفوفاً في كفنه أبداً لا يمكن أن يحيا الإنسان عمره ملفوفاً في كفنه ذاك يبدو العالم أكثر بهجة.. وبعد انتهاء العرض المسرحي كل ليلة كان نور الشريف في فرقته يبكي.

بطاريات الإحساس

الإحساس باليتم يشحن بطاريات الإحساس.. فما بالك إذا كان اليتم موهبة فذة في عالم الفن..

مثل «نور الشريف».. هنا يصبح التمثيل والتقمص.. هو الحل البديل عن الهروب من دائرة الأحلام المؤجلة والمحبطة.. والقلب الأخضر الذي يشتاق دوماً إلى هذا الربيع الذي يأتي ولا يرحل أبداً مع كل جملة كان يرددها كل ليلة على المسرح وهو يدخل شخصية «بيروس» في مسرحية «الفارس والأسيرة».. كانت الرأس تدور والغليان يشتعل والشوق يزداد إلى تقبيل يد الأيام التي أخذت الأب مبكراً.. وأبعدت الأم لكنها سرعان ما سلطت على الفتى وأخته العم والعمة وقد تحولا إلى مشاعل نور ودفء في أيام «نور» الباردة.. إلى القلب العصفور الذي يسكن صدر»بوسي» أو صافيناز تلك الفتاة الصغيرة التي أصبحت من معالم الرحلة.. قطعة سكر في بحر الأيام المالح.. وشريكة السير على أشواك الفن البرية.

وسط كل هذا يبحث «نور» عن «نور».. وغالباً ما يعثر عليه.. ضمن زحام السوق الكبير المليء بالأدعياء والتجار وهواة الشهرة الزائفة.. مسرحياً كان يحلم بفرقة خاصة وتحقق الحلم مع علي سالم ومسرحياً كان يحلم مع صديقة د. فوزي فهمي رئيس أكاديمية الفنون بغرفة نموذجية للأكاديمية تحقق الفرصة لخريجي الأكاديمية القدامى بتقديم أعمال لا يستطيعون تقديمها خارجها.. وهو شخصياً كان يحلم بدور «كاليوجولا» في رواية آلبير كامي وحقق الحلم عام 1991 مع المخرج سعد أردش.. وكان يحلم لهذه الفرقة أن تتحول إلى ورشة لتخريج الصنايعية الذين يجيدون حرفة المسرح بروح العاشق المحب لصنعته. وبالتالي يمكن لهؤلاء الجدد الوصول إلى الجمهور. ومازال يحلم بتلك الفكرة التي طرحها، عندما كان عضواً بأول مجلس لنقابة المهن التمثيلية بتقديم عروض مسرحية يتم تصويرها للتلفزيون بمشاركة تطوعية من النوم لحفظ ماء وجه أعضاء النقابة الذين لا يعملون أو الذين تعرض عليهم الأدوار المسطحة التي لا تليق بمواهبهم الكبيرة.. وهذه الفكرة كفيلة بأن تبعث النشاط في صفوف الفنانين والفنانات وتدعم ميزانية نقابة المهن التمثيلية للإنفاق على أوجه الرعاية بأنواعها وما أحوج أغلبهم لذلك. المسألة عند «نور الشريف» ليست بطولة وخلاص يلعبها في فيلم أو مسرحية أو عمل تلفزيوني إنه يعيش الناس يسكنهم ويسكنون قلبه ووجدانه.. يفكر فيمن حوله.. كما فكر الأعمام فيه صغيراً وتفرغوا لتربيته وضحوا من أجل ذلك براحتهم الخاصة وأحلامهم البسيطة.

النهار الكويتية في

17/07/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)