حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

محمّد رُضا يكتب لـ"سينماتك"

أوراق ناقد

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

صلاح وصلاح

 

     

  

هناك تل عالٍ لكل إنسان.

الطريق إليه سهل وصعب.

التل عبارة عن هذا المرتفع من الأرض في سهل الحياة. وكل واحد منّا يمشي في هذا السهل، او الحقل. لكن التل القريب منّا قلّما يصعد أحد إليه ليلقي نظرة عما حوله. نمر به. نعتاد عليه. ربما صعدناه مرات قليلة في سنوات الشباب، لكن متى آخر مرّة صعد التل أحدنا ليلقي نظرة بعيدة على هذه الحياة التي يحياها؟

الطريق إليه سهل لأنه قريب وفي متناول كل منا. كل له تلّ خاص به وكل ما هو مطلوب أن يمنح الواحد منا لنفسه نصف ساعة يصعد بها ذلك التل. يجلس على حافّته ويفكّر بشيء واحد: لمَ أنا في هذه الحياة.

صعب لكل الأسباب الواهنة: ليس لديّ وقت. أنا مرتاح هكذا. لماذا أصعد ثم أهبط. ليس هناك تل في حياتي. لست بحاجة للتفكير فأنا على حق دائماً وإلى الأبد.... وكل تلك الأعذار الواهية التي يجدها البعض لنفسه مخافة أن يفقد كرسيه إذا ما تركه. علماً بأن أحداً لا يفقد كرسيه مطلقاً. إنه ملصق بك كالجلد.

كل ما هو مطلوب نيّة صافية لصعود التل وإلقاء النظرة على حياتك أنت. أترك الدنيا وما فيها من مشاكل وهموم وإخفاقات وإحباطات والتفكير بحياتك أنت. كيف أمضيتها الى الآن وماذا تريد أن تصنع منها في المستقبل. لا تخف من فحص نفسك. لا تستر عوراتها أمام عينيك. أنت حر في أن تخفيها من الناس لكن لست مطالباً بإخفائها عن عينيك. أفحصها. أعترف بأخطائك وإبتسم للمزايا الإيجابية التي فيك. الإيجابية فعلاً... لا تبتدعها. إذا كنت عطوفاً على إمرأة او على ولد او على طائر، هذا فعل إيجابي ينم عن شعور طيّب وجميل. إبتسم له وعزّزه وتأكد من أنه مدعاة لفخرك... لكن تساءل لم لا أسحب هذا الحب على كل شيء آخر؟

تسود حياتنا الثقافية وحياتنا النقدية بالتحديد منازعات مفتعلة وسقيمة لن أقول إنها تسيء للجهد الذي نبذله جميعاً لدفع الثقافة السينمائية الى الأمام، لكني واثق من أنها تسيء جداً لفاعلها. تأخذ من وقته وجهده وتفكيره وممارسته الكثير. تشعل صدره بالغل والكيد وتجعله أقل إنسانية مما هو عليه... مما خلقه الله عليه. مما اعتقد يوماً أنه سيكون عليه.

هناك أمثلة عديدة حولنا فالناس أخذت تتصرّف كما لو أن كل واحد منها منزّل من السماء بليموزين خاص. لاحظ النرجسية في الكتابات. لاحظ الأنا في الذات المتحدّثة. لاحظ الإعتبارات التي يكنّها المرء لنفسه. لاحظ حجم الكرسي الذي يريد أن يجلس عليه. لاحظ الشلّة التي يريد تكوينها لنفسه. لاحظ »الأنا« في كل شيء وخلف كل شيء. مثلنا كمثل اولئك النجوم الذين يتنافسون على جمهور الصيف في مصر. يرفعون »الأنا« الى أعلى السقف ثم يعانون من محاولتهم إبقائها مرفوعة، وفي النهاية لابد أن يتحطم معظمهم لكن من يبقى فوق قد ينهار في أي لحظة. ما الذي يجنيه؟

واحد من تلك الأمثلة ما يحدث الآن بين صلاح هاشم وصلاح سرميني كل في مدوّنته. هجوم بالسكاكين. إعتداءات لفظية من الغل والحقد بحيث تتساءل ماذا سيصنع كل بالآخر إذا ما وجدا نفسيهما في مكان واحد. هذا له منهج وذلك له منهج وكل منهما لديه دفتر مليء بالملاحظات على الآخر.

ولو أن الأمر هو نوع من الجدال النقدي لكان هذا رائعاً وصحيّاً في حركة سينمائية نحن بحاجة لكل قلم جاد ومخلص فيها. لكنه نوع من »الرندحة« من على الشرفات. أبتسم وأنا أتخيّل منظر صلاح هاشم وصلاح سرميني كل على شرفة مواجهة يكيل كل للآخر ما طاب له من كلام.

طبعاً تأججت المسألة حين كشف صلاح سرميني (ويحق له لقب »عسكري مرور الحركة النقدية السينمائية) أن كاتباً سرق من السينمائي هشام لاشين مقالة ونشرها بإسمه. هذا عيب ويجب أن لا يقع. ولو كان الفاعل منتم الى جمعية نقدية لكان وجب محاسبته. لكن ما كتبه كان بحق مناسبة لإشعال النار مجدّداً بين الإثنين التي لم تكن تنتظر سبباً بل مجرّد فرصة أخرى.

ذات مرّة، أحد الصلاحين كتب ضد الآخر ورد عليه الصلاح الثاني... هل مهم الآن أن نعرف من بدأ؟

ليصعد كل منهما تل حياته ويفكّر قليلاً فيما يفعله.

إذا ما فعل وكان صادقاً مع نفسه سينزل عن التل شخصاً مختلفاً.

الحياة يا أخي صلاح ويا أخي صلاح ليست إذا ما كان المرء أفضل من الآخر، بل الحياة -وجمالها وسرّها وقيمتها في - كيف أجعل الآخر أفضل مني.

كنت كتبت عشرة شروط لكي يكون الناقد ناقداً صحيحاً، لكني اكتشفت لاحقاً إنها إحدى عشر والشرط الغائب هو التالي:

أن يتضمّن دور كل منا  في الحياة حث الجميع على الرقي. ولا يمكن لنا أن نفعل ذلك الا إذا ارتقينا نحن أوّلاً. 

مع حبي،

سينماتك في 11أغسطس 2007