اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

  حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

 

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

سينما سورية:

حسيبة  بين الأمل و الانكسار

الرباط ـ أمينة بركات / خاص بـ"سينماتك"

 

     
  

تألقت النجمة سلاف فواخرجي في فيلم حسيبة ، للمخرج ا لسوري ريمون بطرس ، المأخوذ عن رواية  بنفس العنوان للكاتب القدير  خيري الذهبي . تدور القصة حول مجموعة من النساء الدمشقيات و حياتهن داخل البيت السوري ، و ذلك من موقعها كأم  ، زوجة  ، ابنة و أخت . دراما عربية تجري في ديكور واقعي جميل، سلط فيه المخرج الضوء على العديد من العناصر التقليدية ، التي تميز الحياة  الدمشقية ، كالعلاقة بين النساء في  مزيج بين الحب و العشق و الكراهية   و الصراع بين الأجيال .

شريط ينبض بالحياة ،  من خلال حسيبة ، الفتاة التي وفدت من البادية ، لتستقر بدمشق  ، فتحاول بكل فرائصها  أن تندمج  في الحياة ، تتزوج  و تترمل بعد أن أنجبت طفلة . حدد المخرج فترة الأحدث ما بين 1927 و 1950 ليدخل في عمق  التحول ا لسياسي و الاقتصادي  و تأثيره على الوضع الاجتماعي ،  بداية من ثورة النساء على وضعهن  و رغبتهن  في المساهمة  في اقتصاديات البلد من خلال خلقهن لشركات  صغرى  التي تديرها بمعيتهن ، و تلعب الدور في هدا المجال حسيبة  التي تقرر الخروج للعمل مكان زوجها الذي توفى ،  مما خلف ردود فعل قوية من طرف الأهل و الجيران ، باعتبارها  تطاولت عن العادات و التقاليد التي تريد للمرأة أن تبقى داخل البيت  مجرد أم و زوجة ، لكن حسيبة لم تهتم لما صار ، بل تحملت مسؤوليتها و اندمجت في مجال عملها   بعدما وجدت مساندة من النساء المحيطات بها ، مما أعطاها قوة للاستمرار .

في الجانب السياسي  ا شارات إلى نكبة فلسطين  و سقوطها بين يدي العدو الإسرائيلي ، و التدخل الفرنسي ليكشف بطريقة ذكيه  عن مؤامرة  كبيرة حبكت بدقة ضدها ، و هي الإستراتيجية التي تمثل  المحطة الرئيسية التي يوظفها المحتل للمزيد من سلب الأراضي و استيطانها  بالرغم من الجهود المبذولة لنشر الأمن و السلام  في المنطقة ، ليسجل التاريخ  قصة شعب ، كان و مازال  يناضل من أجل مواجهة كل الأزمات التي تكبل مساره كبلد حر . هذه الصورة تتجلى في احتجاج أحد  المناضلين المبحوث عنهم ، الذي خرج من مخبئه ،عند حسيبة ليشارك في الحرب ، فيعود محطما من جراء الفشل الدر يع الذي أصابهم في الجبهة  ، فيختفي عن الأنظار كليا.

هناك أيضا إشارة خاصة  بدور المرأة في المجال السياسي  و استعدادها للنضال و العطاء كلما أتيحت لها الفرصة  بل حتى التنازل عن حقها لو كانت مضطرة لذلك  ، يبدو هذا جليا بعدما  تخلت عن حبيبها ، لأبنتها التي هامت بدورها في حبه . تحترق حسيبة  عشقا  و لوهة لضمه إلى حضنها و هي الأرملة الشابة التي تعاني من فراغ عاطفي شديد.

 أبدع المخرج في  تصوير المرأةّ'- الأنثى و هي تتعذب  رغبة في معانقة زوج ابنتها  ، دون أن يسقط في فخ الإحساس المباشر لهذا الشعور ، صورة جميلة حافظت  على كرامة المرأة  و كشفت عن رغباتها  كأنثى في تلمسها لملابسه  لشم رائحته ، و تشرب من كأسه لعلها تتذوق رحيق شفتيه ، تصرفات  تتجاوز  شعورها  بكونها حماته ، مزيج رائع بين الحب و المعاناة في صورة بعيدة عن الابتذال .

يبدو الشريط مشحون  بالأحداث على كل المستويات  ولكنها أحداث تدور في وسط دمشقي نكتشف من خلاله ، كيف كانت الحياة في تلك الفترة ،  و كيف كان للمرأة دور حيوي في المجتمع السوري ، دون إفراغها من الجانب الإنساني الذي يعكس  الأنثى بكل جزئياتها ، و يتجلى هذا أيضا في شخصية الابنة  التي كانت تتعلق بزوجها لدرجة كبيرة جعلتها  تكره أمها ، و تاخدها على إقناعها بتركه للذهاب إلى الجبهة ، لتحرم منه هي و ابنها الصغير، وترغم على مواجهة مصير تتشابك فيه الأحداث  ،و تتغير الأوضاع . تكبر الأم و تكبر معها الهموم ، بعد أن أصبحت الابنة إنسانة ضعيفة و فريسة للعقد و الشعور بالحقد تجاه أمها  و كل المحيطين بها .

النهاية مأساوية  ، صورها ريمون بطرس بفضاء  شبه مهجور ، و علامات اليأس بادية على وجه حسيبة التي كانت تفيض حيوية ، مظاهر ا لبؤس وا لحزن تخيم على الحديقة التي كانت في الأمس روضة باهية تتمختر في فضائها الصبايا . و بهذا يكون المخرج قد أضاف إلى الفيلموغرافية العربية  شريطا جميلا  وظف فيه كل ألآليات التي سبق و أن أنجز ضمنها أعماله السابقة كالطحالب (1991) الرحال (1997) ,و بالتالي يدخل شريط "حسيبة " في إطار جنس معين  في السينما الذي  ينسج لعلاقة وطيدة بين السينما و الأدب .

 عرض هذا الشريط ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الشرق الأوسط  السينمائي الدولي  في دورته الثانية التي انعقدت في ا لفترة ما بين 10 و 19 أكتوبر 2008 ، و كانت الممثلة سلاف فواخرجي تستحق عن دورها فيه  جائزة أحسن دور نسائي الذي ذهب في الأخير إلى الفنانة المصرية الهام شاهين عن دورها في شريط خلطة فوزية .

سينماتك في 20 نوفمبر 2008

 
     

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
(2004 - 2008)