أمين صالح

كتب السينماجديد أمينجريدة الأيامجريدة الوطنالقديم.. الجديدملفات خاصة 

 

أمين صالح.. صديق الأمل

الأيام البحرينية

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

أسئلة في النقد السينمائي (2)

صورة أكبر.. نص أقل

ترجمة: أمين صالح

 

     
  

(أجوبة الناقد ج. هوبرمان):

١- كنت مفتوناً بالأفلام وصانعي الأفلام منذ مرحلة المراهقة قبل ثلاثين عاماً. درست الإخراج السينمائي وحققت بضعة أفلام طليعية، غير أنني توقفت عن ذلك واتجهت الى كتابة النقد والمقالات السينمائية، اضافة الى تدريس مادة السينما، كوسيلة للمشاركة في بناء ثقافة سينمائية. بالنسبة لي، الأفلام كانت التعبير الجوهري للقرن العشرين، ولا شيء قد حل محلها حتى الآن. إن أحد الأمور العظيمة بشأن الكتابة عن الأفلام، وبالنظر الى اتساع المجال السينمائي، أن ذلك يتيح لنا الكتابة عن أي شيء.

٢- أنا أثمن الكتابة الجيدة والتفكير الشفاف. إن تركيز الناقد على ذاتيته واطلاقه العنان لأهوائه،. أمر يثير لديّ الضجر.

٣- صناعة الفيلم، كنظام، تنظر الى الكتابة عن الأفلام بوصفها شكلا ثانويا وغير هام من أشكال الدعاية المجانية. في أفضل الأحوال، الوضع المثالي هو البرنامج التلفزيوني المخصص للسينما. لكن هناك سينمائيين حقيقيين يهتمون بالنقد السينمائي. أنا لا أخدع نفسي بشأن حجم تأثيري كناقد. قد تحرض المقالة قارئاً معيناً، لكن أي تأثير للناقد على صناعة السينما هو هامشي.

٤- بعد سنوات من العمل استطعت أن أتكيف تقريباً مع مقتضيات مواعيد تسليم المادة اسبوعيا. طبعا أود أن تتوفر لدي مساحة أكبر لتوسيع أفكاري. وهناك أيضا بعض الأفلام التي تثير إهتمامي أكثر من غيرها. الوضع المثالي هو أن يكون القارئ قد شاهد الفيلم قبل القراءة عنه. وربما هذا هو الفارق بين الكتابة عن فيلم ونقده. الكتابة تكون معلوماتية أساسا (مع المحافظة على سرية عناصر معينة من الحبكة) بينما النقد يستلزم إطلاعاً جيداً من قبل القارئ. وأنا لا أشاهد كل العروض التجارية، فالحياة قصيرة جداً والأفلام ليست مصدري الوحيد في التحفيز. لذلك أعوّل على كتّاب آخرين في تنشيط أمور قد أغفل عنها.

٥- بوسعي أن أشاهد وأن أكتب عن كل أنواع الأفلام، وبالتأكيد سأكون سعيداً لو أن الجمهور أكثر جسارة، ولو أن المجلات والمحررين هم أقل شغفاً بالعروض التجارية الرائجة أنها نتاج جيل الستينيات السينمائي، وحقا أفتقد تلك الفترة. لقد تعلمت من العديد من الكتّاب والمنظرين والمؤرخين. قال سيجفريد كراكور مرة: »الناقد السينمائي الجيد هو أيضا ناقد للمجتمع«.. ولا زلت أعتقد أن هذا صحيح.

 

(أجوبة الناقد ستانلي كوفمان):

١- أن تكون ناقداً وتنشر على نحو متواصل منذ ٨٥٩١ في المطبوعة ذاتها، فذلك أشبه بامتلاك مسكن آخر. وأنا أذهب الى هذا المسكن مرة في الاسبوع للتفكير في الأفلام التي شاهدتها خلال الاسبوع واستقصاء ما فعلته بي تلك الأفلام. هذا ما أحاول أن أوصله الى قراء المجلة الذين هم راغبون حقاً في المعرفة.

٢- في العقود السابقة كانوا يعتبرون الناقد الفني أو الأدبي جاداً ورزيناً فقط عندما تكون انطباعاته عن العمل سلبية في الغالب، واذا عارض النظرة العامة. إن المظاهر الاجتماعية أو السياسية للفيلم يتعذر فصلها عن خاصياته السينمائية اذا كان العمل جيدا وكلما كانت الخاصيات أكثر قابلية للإنفصال، صار الفيلم أقل جودة.

٣- العلاقة بين الناقد وصناعة السينما هي، أو ينبغي أن تكون، لمصلحة وخير هذه الصناعة فقط. اذا اهتم صانعو الفيلم بعمل الناقد لأي سبب كان، فسوف يمارس ذلك تأثيره عليهم.

٤- ليس هناك أي عقبات، من أي نوع، في كتاباتي للمجلة. أي قصور هو شيء يتعلق بي، فأنا من يختار الأفلام التي أرغب في مشاهدتها. وغالباً ما أشعر بخيبة الأمل، وأحياناً اكتشف انني قد تجاهلت فيلماً جديرا بالاهتمام لكن، بوجه عام، الغريزة والتجربة عناصر مرشدة وموجهة على نحو مفيد.

٥- النقد السينمائي، أو أي شكل فني آخر، يمكن أن يكون أدباً بذاته، وبمعزل عن الاعتبارات الأخرى، بوسع النقد الجيد أن يعزز الوعي الثقافي لدى القارئ.

 

(أجوبة الناقد جودفري شيشاير)

»الفنانون هم قرون الاستشعار للسلالة البشرية.. هذا ما قاله إزرا باوند مبتكراً المجاز الذي يشير أيضا الى جدوى النقاد الذين هم، في أفضل أحوالهم، فنانون من نوع كذلك أكد باوند على المسؤولية الاجتماعية للناقد الذي يعمل كضوء مرشد ومعيار أساسي.

مهمة النقد باختصار، وبكلمة واحدة: التمييز. النقد يكون في أكثر حالاته حيوية عندما يخلق العلاقات الفارقة الحاسمة.

من منتصف الخمسينيات وحتى منتصف السبعينيات تقريباً، شهدت السينما الذروة العظمى لموجة من الأفلام التي تم التعامل معها باعتبارها فناً صارماً ومصقولاً، وكانت بحق متماهية مع مرحلة الحداثة السينمائية حيث بلغ الوعي الفردي درجة عالية من استيعاب مسألتي القراءة والتأويل. فكرة: »مؤلف الفيلم« لم تعد تتصل حصرياً بمخرج الفيلم بل اتسعت لتشمل المشاهد - القارئ والناقد - المفسر. في تلك الفترة ازدهر النقد السينمائي وصار النقاد نجوما أيضا، وفيها أيضا نشأ أغلب النقاد البارزين في الوقت الحاضر.

الأمور تغيرت لكن هذا ما تفعله الأمور: إنها تتغير السينما، بوضوح، إنزلقت من موضعها في المركز الثقافي، ولم تعد الفكرة التي تلهب المخيلة المتقدة، على نطاق واسع، والتي تضع جودار في مصاف سارتر وفيلاسكويز وهوميروس. غير أن الأفلام تظل، مع ذلك، شعبية وشائعة على نحو استثنائي. والأكثر أهمية، أنها لاتزال قادرة على نقل أفكار توحد العاطفة والحدس والروح والمنطق.

أحد الأخوين لوميير (اللذين ساهما في اختراع السينما) قال في بداية القرن العشرين عن السينما بأنها »اختراع بلا مستقبل« ويتضح الآن أنه كان محقا بعض الشيء مع ذلك، وبدلا من الافتراض بأن مستقبل النقد السينمائي هو بالمثل غير مضمون، فإنني أفضل أن أشير الى أن النقد الذي يهمني أكثر (والذي أحاول أن أمارسه) ليس هو الذي يركز بؤرته، حصرا أو حتى في المقام الأول، على الفيلم، بالأحرى هو الذي يوظف الفيلم - الوسط للبحث في قضايا تتصل بالناس والأفكار والعالم.

هل النقد السينمائى يعمر أكثر من الفيلم نفسه؟ هل يعيش بعد زوال الفيلم، نعم بالمعنى الحرفي من المؤكد أن هذا صحيح فعليا. وهو صحيح أيضا بالمعنى الأوسع. الأشكال الفنية التكنولوجية هي قصيرة الأجل على نحو متأصل والحاجة الى النقاش والبحث والفهم تستمر ولا تتوقف.

 

(أجوبة الناقد مايك كلارك)

١- إني أتابع الأفلام على نحو دؤوب ومثابر كل يوم في حياتي منذ أن كنت في السادسة من العمر سنة ٣٥٩١. وكنت أحب مطالعة الصحف، لذا كانت لدي قناعة بأن الأمر يمكن أن ينتهي بي الى مراجعة ونقد الأفلام على الأقل. إذن، على صعيد »السبب« الشخصي فقد كنت أحسب أن اتخاذي من مشاهدة الأفلام وظيفة، سوف يتيح لي ذلك ساعات من أوقات الفراغ يمكن استثمارها في ومتابعة أو ممارسة اهتمامات أخرى كالقراءة والموسيقى والرياضة.

٢- أنت لا تستطيع أن تعيش في فراغ. واذا كان الفيلم نفسه يتضمن موقفاً سياسيا فينبغي أن تخاطبه بطريقة أو بأخرى. لكن في هذه النوعية من المطبوعات التي تنشر مقالاتي، ذات »النفع العام«، فإن القراء سوف يبادرون، سريعاً، الى إخبار هيئة التحرير بأنهم لا يريدون من الناقد أن يحشر في حلوقهم أية آراء أو ميول سياسية، بصرف النظر عما تقوله أو تعبّر عنه هذه الآراء.

٣- العلاقة بين نقاد السينما وصناعة السينما هي حذرة على نحو متبادل، مع أنني شخصياً لم أختبر أبداً تجربة بغيضة حقاً في هذا الصدد. أعتقد أن على الطرفين البقاء كلٌ في جهته دون القيام بأي محاولة للإلتقاء.

٤- المساحة المتاحة في المطبوعة (أو الافتقار إليها) هي المسبب الأول لصراع الناقد. الحيز دائما ضيق ومضغوط الى أبعد حد. وهو يستمر في التبدل (أو الانكماش والتضاؤل عادة).

٥- أظن أن العديد من النقاد يهملون ملاحظة الى أي مدى تغيرت مشاهدة الأفلام. لقد أضحت المشاهدة الآن تجربة ملموسة أكثر مما كانت عليه في السابق. الآن بوسعي أن أتمدد على السرير وأدير أجهزة الفيديو المتطورة وأتابع الفيلم وحدي - مثلما أفعل عندما أقرأ كتاباً - وبالطريقة التي أحبها وبمرات عديدة حسب مشيئتي.. إذ لا يتطلب الأمر سوى ضغط بسيط على زر. الآخرون يتحدثون عن التجربة الاجتماعية لمشاهدة الفيلم في صالة السينما، لكن بالنسبة لي، ذلك لا يعني غير وجود شخصين، جالسين أمامي، ولا يكفان عن الثرثرة بصوت مسموع ومزعج. وطالما أن المراهقين لا يرغبون في البقاء في بيوتهم فإن صالات السينما لن تخلو أبداً من الجمهور.

حريدة الأيام في 26 سبتمبر 2004