حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

طاهر علوان يكتب لـ"سينماتك"

كتابة

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

سلطة الرقابة في تألقها وانطفائها

 

     
  

تثير الرقابة على الافلام وعلى ما يدعى (المصنفات الفنية) جدلاً منذ امد ليس بالقصير على مستوى مؤسسات الفن والثقافة في البلاد العربية وكانت يافطة (القيم والثوابت) الاجتماعية وعقيدة المجتمع ترفع على اكثر من صعيد واكثر من مناسبة تصدياً لتمرير الاعمال الفنية التي عليها تحفظات او تنطوي على مفاهيم ضارة.

ثم اتسع الامر بعد ذلك الى طرح مفهوم (الهوية) التي يستهدفها (الاعداء) وكان هؤلاء الاعداء كثرة كاثرة لاتعرف لها ارضاً واحدة ولا عدداً فهم مختبئون في بلاد شتى فالفيلم ان اتى من شرق او غرب فهو من الاعداء الذين يتربصون بنا الدوائر واما اننا عجزنا حتى الساعة عن مخاطبتهم بخطابهم واما ان مؤسساتنا الثقافية والفنية  عجزت الا عن ترويج تقديم خطاب حداثي منافس .. فتلك قصة اخرى ولهذا كانت الرقابة جاثمة في فاصلة مابين مطرقة (الهوية) والدفاع عنها، وتعليمات (القيادة السياسية) التي تسعى للذود عن نظامها السياسي وانعاش روحه الى اطول زمن ممكن ثم شاع في اوساط الناس مفهوم (العولمة) وكان طامة كبرى على الرقابة والرقيب وعلى النظام السياسي في كثير من الاماكن.

فقد حملت هذه العولمة من بين ماحملت فتح الحدود ولقاء الثقافات والانتشار الثقافي وترويج المصنفات الفنية وتسجيل تداولها وعبورها وحماية حقوق الملكية الفكرية وصولاً الى حالة من (الانفلات) الرقابي الذي عجزت وتعجز عن تداركه اعتى الانظمة السياسية والبوليسية ولعل من ابرز ملامحه هو التدفق السمعي البصري عبر الاقمار الصناعية وما عرف بعصر الفضائيات.

على صعيد تجاربنا العربية بدأت (توليفة) رقابية جديدة في الظهور والنمو تخلصاً من مآزق هذا (الانفلات) او ما عرفه احد الباحثين بـ(الاندلاع الثقافي) او ما سماه عالم الاتصالات الاشهر مكلوهان بـ(ثقافة القرية الاتصالية الصغيرة) او ما سماه العالم جان دارسي بـ(الفضاء الحر لمتدفق الصور) او ما سماه فيروكلوك بـ(البيئة الثقافية المفتوحة) وهكذا التوليفة العربية بدأت تعبر عن تساهل ملحوظ لجهة قبول الانتاج السمعي البصري وسمعت رئيس الرقابة في مصر يروج حلاً توفيقياً لاجازة الافلام قائلاً (انها لاتمثل الواقع او لاتنقله كما هو بل هي مجرد اعمال فنية وبعضها من خيال السينمائيين انفسهم).

وربما كان رأي الرجل على قدر من الموضوعية والتوازن لكن ماذا ستفعل الانظمة الرقابية العربية ازاء ما هو قائم على الارض فعلاً؟

مسؤولو الامن والشرطة السرية الذين تغلغلوا في صميم اللجان الرقابية في جل البلاد العربية يبدون اليوم في وضع لايحسدون عليه. (الدنكو شوتيون) الذين يقارعون (طواحين الفضائيات) يبدون اليوم اكثر بؤساً وقلة حيلة و(ستراتيجية الشمع الاحمر) تبدو انها قد انهارت مع انهيار جدار برلين وتاليا العديد من الانهيارات الكارتونية المتلاحقة التي ما فتئنا نشهد فصولها على اكثر من صعيد.

المحظورات الدينية والاخلاقية واحترام هوية المجتمعات وخصوصيات الافراد كانت وستبقى من مهمات كل دولة وكل مجتمع يؤمن بالحرية وحق الانسان في ان تحترم عقيدته وثوابته والسؤال هو كيف ستصوغ الامم (رقابتها) لتحقق هذه الاهداف مجتمعة؟.

بالطبع لن اقدم هنا وصفة سحرية لما يمكن ان تكون عليه الرقابة  العربية ولست معنياً بهذا لكنني معني بالاصغاء لرغبات الناس وقناعاتهم من جهة والنظر للنظام الاعلامي والثقافي وكيف سينتج سياقاً وآليات عمل تخدم المجتمع وتنفتح على التنوير وتحديث المجتمع والنهوض بطريقة تفكيره.

وسآتي هنا بمثال معاش الآن يتعلق بهذه المسألة وهو المشكلات الرقابية المتعلقة بأفلام مخرجة مصرية معروفة كان آخر افلامها قد حمل اسم(الباحثات عن الحرية) وعرض في احدى دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وعرض في صالات العرض المصرية وهذا يعني ان الرقابة قد اجازته للعرض لكن بالموازاة كان هنالك رأي عام وقف ضد المفاهيم التي حملها الفيلم والمتعلقة بقضايا حساسة حول حرية المرأة من خلال تجربة فتيات عربيات مغتربات وتطور الامر الى مقاضاة المخرجة.

وفي المقابل ومازلنا على ارض مصر كانت هنالك ضجة اخرى اثيرت بشأن فيلم حمل عنوان (ابو العربي) لانه اساء للانسان الذي يعيش في مدينة بور سعيد لان احداث الفيلم تقدم شخصية من هناك، هنا وقفت الرقابة في حرج ملحوظ فهي قد وافقت على الفيلمين وهاهي امام واقع آخر ولهذا وجدت بحسب  رئيس جهاز الرقابة وجدت ان الفيلمين هما عملان فنيان ولم ينقلا الواقع كما هو ولم يقصدا ذلك.

الخلاصة .. ان مفهوم (الدولة القطرية) و(الهوية) وماآلى ذلك ان كانت تجد لها تعريفات جديدة اليوم فأن للرقابة في البلاد العربية تعاريف جديدة ايضاً لكن لم يجرؤ احد على الافصاح عنها او تداولها حتى الساعة.

http://dimension4future.blogspot.com/

سينماتك في 15 سبتمبر 2007