حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

طاهر علوان يكتب لـ"سينماتك"

كتابة

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

السينما الفرنسية.. تجارب وأساليب

 

     
  

1

مما لاشك فيه ان الحديث عن الفيلم الفرنسي سيقود الى تتبع حقب مميزة في مسيرته حيث تشكل مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية مرخلة مهمة حيث ظهر مخرجون كبار من أبرزهم (جاك رينوار) و(رينيه كليمان)، ولا زال منجز هذين المخرجين الكبيرين يدرّس على نطاق واسع في معاهد السينما في العالم. وواقعية رينوار تشكل سمة مميزة للسينما الفرنسية وعلامة من علاماتها. وابتداءً من فيلمه (بودو يُنقَذ من الغرق)، قدم رينوار سينما متحررة من أي قيد أو قاعدة تقليدية، فشخصياته تعيش وتمشي وتتحرك على سجيتها، كما انه عرف بتوظيفه اللقطات الطويلة المتصلة في تصوير المشهد وهو ما عززه في أشرطته الأخرى : (الوهم الكبير) و(أصول اللعب) و(النهر) وغيرها.. ولقد أفرزت حركة الطلاب في الستينيات من القرن الماضي والتحولات الكبرى في الحياة الاجتماعية والفكرية والسياسية موجة جديدة في السينما هي ما صار يُطلق عليه في تاريخ السينما بـ (الموجة الجديدة في السينما الفرنسية)، هذه الموجة التي انطلقت من مجلة (كراسات سينمائية) بموازاة المنظّر السينمائي الشهير (اندريه بازان)، الذي أثرى التجربة التي مثلها مخرجون كبار من أبرزهم فرانسوا تروفو وجان لو ك جودار والان رينيه وغيرهم وقد اتاح مهرجان الفيلم الفرنسي الذي اقيم مؤخرا بالتعاون مع المركزالثقافي الفرنسي في بغداد فرصة نادرة للجمهور لمشاهدة فيلمين من افلام هذه الموجة هما : النفس الأخير لكودار و الأحد بحق لتروفو .ولعل تجربة تروفو هي التجربة الأنضج  ابتداءً من فيلمه (400 ضربة) الذي أنجزه بين عامي 1959 و1960 وما تبعه من أفلام يقف في طليعتها فيلمه ذائع الصيت عالمياً (451 فهرنهايت) حتى عُـدّ هذا الفيلم حتى اليوم واحداً من أفضل عشرة أفلام سينمائية فرنسية، قدم الفيلم صورة لفقدان الوعي الحضاري في غلواء المجتمع الاستهلاكي، حيث يُعدم الكتاب وتطارَد الثقافة ويتولى رجال الأطفاء بدل واجبهم في إطفاء الحرائق احراق الكتب في كل مكان. انها صورة لأزمة الثقافة المعاصرة، التي ستتحول الى شغل شاغل للسياسة الفرنسية في ظل الثورة المعلوماتية الاتصالية المتتابعة فصولها الى اليوم.تبرز في واجهة ما تقدمه السينما الفرنسية اليوم تجربة ملفتة للنظر.. تنطلق من أفلام الحركة والأفلام البوليسية الأقرب الى ذائقة جيل الشباب اليوم، لكنها أفلام لا تحمل في ثناياها العنف والشراسة و سفك الدماء والقتل بالجملة وأسلحة الدمار وقطع الرؤوس وثقب الأجساد بالرصاص الذي تحمله السينما الأمريكية وميزة الفيلم الأمريكي الأساسية الى اليوم.

2

ولا يتسع المجال هنا للخوض في تجارب العديد من المخرجين الفرنسيين الذين يضطلعون بهذا العمل اليو م، ولكننا سنتوقف عند تجربة كاتب السيناريو والمنتج والمخرج الكبير (لوك بيسون) الذي يشكل علامة بارزة للسينما الفرنسية المعاصرة، وُلد بيسون عام (1959) في باريس وبدأ في سن مبكرة وله من العمر (17) عاماً في كتابة نصوص قصصية مشبعة بروح السينما، فكان من بين تلك القصص (البحر الكبير)، الذي تحول الى فيلم سينمائي بالفعل من اخراج بيسون نفسه عام 1988، وفيلم (العنصر الخامس) الذي أخرجه عام 1997.

يتولى (بيسون) مؤسسـة انتاجية مهمة ، إذ أنتج الى اليوم أكثر من (25)، وكتب سيناريو (17) فيلماً فيما أخرج (10) عشرة أفلام. فهو سينمائي نشيط متعدد المواهب والتخصصات السينمائية. من أفلامه المهمة التي أخرجها وعُرضت في العديد من بلدان العالم وشار ك بها في العديد من المهرجانات: (المعركة الأخيرة ـ 1983)، (سبوي ـ 1983)، (البحر الكبير ـ 1988)، (نيكيتا ـ 1990)، (اطلنطس ـ 1991)، الرسول ـ 2000)، وغيرها. وهو يقف وراء تقديم ودفع العديد من التجارب السينمائية الواعدة التي تشكل وجهاً جديداً للسينما الفرنسية، ومن بين هؤلاء المخرج الشاب (جيرار كراوفشيك) الذي أخرج عدة أفلام في مقدمتها فيلمه (تكسي 2) ـ الذي قدم نخبة من الممثلين الشباب، من أبرزهم الممثل الفرنسي من أصل جزائري (سامي ناصري) و(ماريون كوتيلار) وقد اتيح للجمهور مشاهدة هذا الفيلم ضمن عروض مهرجان الفيلم الفرنسي الذي اشرنا اليه قيل قليل واقيم بالتعاون مع  المركز الثقافي الفرنسي في بغداد واختتم اعماله امس.

3

يقدم هذا الفيلم الصورة المقابلة للفيلم الفرنسي المنافس.. وقصته ببساطةان : وزير دفاع اليابان يزور فرنسا وخلال ذلك يتعرض للأختطاف هو ومرافقيه من قبل عصابة يابانية ، فريق الحماية الفرنسي يمر بمطبات ومولقف غير متوقعة تظهر خلالها مهارات وذكاء سائق التاكسي ( سامي ناصري ) الذي يأتي بأفكار مدهشة لأنقاذ الرهينة في جو من الكوميديا والحركة والتشويق .

انه نموذج للسينما الفرنسية اليوم.. إذ يقع هذا الفيلم في سلسلة يقف وراءها (لوك بيسون) لانجاز جزء آخر من الشريط، و هو الذي اكتسح الصالات الفرنسية وحقق إيرادات عالية.

وقد كانت فرصة مهمة اذ هي المرة الأولى التي تتاح فيها مثل هذه العروض المهمة  

اذ يقدم لنا هذا العرض تصوراً مكثفاً للتحولات الملحوظة في بنى السرد وطرائقه التي ميزت الفيلم الفرنسي، ذلك ان هذه التجربة تقف اليوم في طليعة التجارب الأوربية في تجددها وبحثها عن أساليب جديدة. ولعل تكريس جهد المخرجين المؤسسين للسردية الجديدة ـ إن جاز التعبير ـ نحو تقديم نمط فيلمي يحافظ على هوية هذه السينما، وفي الوقت نفسه يطرح نفسه بديلاً، أو في الأقل موازياً لما هو سائد.

سينماتك في 24 فبراير 2008