حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

طاهر علوان يكتب لـ"سينماتك"

كتابة

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

في افتتاح المهرجان الدولي للفيلم المستقل

الإرهاب والسينما الهندية على صعيد واحد

 

     
  

في واحد من اكبر التظاهرات السينمائية، جرت في العاصمة البلجيكية بروكسل مساء الثلاثاء 6-11 وقائع افتتاح الدورة الرابعة والثلاثين للمهرجان الدولي للفيلم المستقل بمشاركة أكثر من 60 فيلما من أكثر من 25 دولة وبحضور كبير لوفود قادمة من آسيا وأفريقيا وأوربا وأمريكا وكندا.

السينما الهندية كانت السينما المحتفى بها على جميع الأصعدة، من جهة حفل الافتتاح الذي قدم فيه المنظمون فرقا للرقص الشعبي الهندي التقليدي ثم في تكريم السينما الهندية بشكل خاص وهو ما أفاض في الحديث عنه (روبير مالينكرو) مدير المهرجان المخضرم الذي أمضى عقودا طوالا في الإدارة السينمائية وإدارة المهرجان، مالينكرو في كلمته متعددة الأفكار تحدث عن مضي المهرجان في ترسيخ هويته وتدعيم برامجه بالمزيد من التنوع والاحتفال بالتجارب السينمائية من العديد من بلدان العالم وتأتي دورة هذا العام لتؤكد إن المهرجان قد نجح في استقطاب سينمائيين جدد ومن خلال أجيال وتجارب جديدة.

ويبدو إن السينمائيين الهنود قد التقطوا الفرصة فجاءوا بعدد غير قليل مشاركين في المهرجان إن في فرقة الرقص الشعبي أو من خلال المخرجين وحتى الدبلوماسيين الذين سينظمون حفل استقبال كبير في إطار الاحتفال بالسينما الهندية.

بالطبع حرص السينمائيون الهنود وحتى المنظمين على تقديم الوجه غير التقليدي للسينما الهندية، أي بتقديم صورة أخرى غير الصورة النمطية التي ظلت السينما الهندية ترسخها وتؤكدها على مدى عقود طوال أي غير السينما البولوودية القائمة على النمطية في تقديم الشخصيات والرقص والغناء والمغامرات المبالغ فيها والميلودرما التي لازمت الفيلم الهندي وهو ما أكده لي المخرج الهندي ذي الثقافة الفرنكوفونية (مانو ريوال) بأنهم يسعون إلى سينما مستقلة تخرج الفيلم الهندي من نمطية المشاهدة.

سيرا ..قصة الإرهاب ومجتمع الأقلية

نأتي إلى فيلم الافتتاح وهو فيلم سيرا للمخرج بيجو كومار، هذا الفيلم لست ادري إن كان قد جاء إلى المهرجان لكي يمثل تلك السينما المغايرة التي يريد أو يسعى السينمائيون الهنود إلى تأكيدها، إذا كان الأمر كذلك فلابد من كلام يقال.

يتحدث الفيلم عن شريحة مهمة من المجتمع الهندي وهي شريحة الأقلية المسلمة، وبمجرد الحديث عن هذه الأقلية الفقيرة الإمكانات ستتبادر إلى الذهن الظروف التي تعيشها هذه الأقلية كمجتمع فقير يعاني ما تعاني منه الطبقات الفقيرة في الهند.

لكن المسألة لن تنحصر في هذا الجانب، فبكل تأكيد إن الفيلم حرص على تقديم الصورة الواقعية لحياة هذه الأقلية دون تزويق أو تجميل، على خلاف كثير من الأفلام الهندية التي تحرص على عرض الأماكن السياحية و أوجه الحياة المترفة المنظمة.

في هذه البيئة تعيش الفتاة سيرا الصحافية في قناة التلفزة الهندية في كنف والدها أستاذ علي حسين.. وهو موسيقي كلاسيكي ينثر من حوله الطبول الهندية الصغيرة وبين الفينة والأخرى يمتع نفسه وابنته بعزفه المتقن على تلك الطبول، وتمضي حياة الاثنين رتيبة لا جديد فيها حتى تتسرب تلك الرتابة إلينا نحن المشاهدين، لكن التحول يحصل عندما تكلف القناة الفضائية الهندية تلك الصحفية الشابة بالذهاب إلى المنطقة التي يتواجد فيها الزعيم المسلم من كشمير المدعو (قاسم عباس) وهو كما سيتضح، يتزعم مجموعة في الدفاع عن كشمير وبالتالي فهو في نظر السلطات الهندية ليس غير إرهابي خارج على القانون.

تجري سيرا الحوار ويتم بثه على الفضائيات ويتحدث ذلك الشخص طويلا عن المجتمع المسلم وعن العراق وأفغانستان والدفاع عن حقوق المسلمين وما إلى ذلك من القصص المعلومة التي يتحدث بها رجل في مثل وضعه وتوجهه.

وبمجرد عرض الحوار تبدأ المعضلات في حياة تلك الصحفية من خلال تحريات السلطات عن مكان تواجد من تسميه الإرهابي قاسم عباس، وليس غير الصحفية سيرا من يعلم يقينا مكانه مع أنها وصلت إليه وهي معصوبة العينين هي وفريق التصوير الذي رافقها لمحاورة ذلك الشخص كما إن الحوار تم في منطقة معزولة من الغابات والأنهار، المهم، إن السلطات لا تثق برواية سيرا وتشك في علاقتها بالمتطرفين ثم لتحتجزها رهن التحقيق والاشتباه وخلال ذلك تتصاعد في الشارع النظرة ضد الأقلية المسلمة بسبب وقوع حوادث تتسبب في مقتل العديدين حتى إن سيرا نفسها هي شاهدة على بعض من تلك الأحداث من خلال عملها الصحافي، وهي تتجول في مكان احد تلك الحوادث تخرج من المكان تحت مطر كثيف لوحدها ليختطفها بضعة أشخاص ويغتصبونها تباعا.

هنا وجه آخر للموضوع ما يلبث أن يتطور إلى صراع نفسي حاد تعيشه الفتاة من جهة استمرار اتهامها بالتواطؤ مع الإرهابيين ومن جهة تعرضها لحادثة اغتصاب جماعية تنتهي بانهيارها تماما ثم بانتحارها وسط تصعيد ضد الأقلية المسلمة وهجوم شديد عليها وتقتيل بعض منهم.

في البناء الدرامي وصنعة المخرج

بالطبع لامس المخرج كثيرا من المعطيات المهمة والنقاط الساخنة ومن أهمها على الإطلاق هي مسألة المجتمع المسلم في الهند ومسألة الإرهاب الذي غالبا ما يلصق بالإسلام والمسلمين حقا أو باطلا.. لكن السؤال الذي تبادر إلى ذهني وتحدثت فيه مع المخرجين الهنود هو: هل استطاع المخرج أن يسيطر على فكرته ويدير صنعته الإخراجية في الغوص في الموضوعين المتفجرين؟

واقعيا لا أجد المخرج قد وفق في تقديم تلك الصنعة بشكلها المتماسك، فثمة معطيات تتعلق بإشباع الموضوع بعناصره الدرامية والجمالية فضلا عن البناء الفني وتوظيف الأدوات السينمائية للنهوض بالفكرة والموضوع.

وفي موازاة ذالك لا أظن إن الفيلم بعيد عن منزلق يقع فيه كثير من السينمائيين وهو إن الفكرة الكبيرة القائمة على إدانة ظاهرة من الظواهر تسيطر على المعالجة الدرامية والبناء الفني مفضية إلى قدر من التسطيح في بعض الأحيان وهو ما أظن إن الفيلم وقع فيه.

بالطبع أنا لن أقول إن الفيلم غير ناجح لأنني لا استطيع ذلك عمليا بسبب كوني عضوا في لجنة التحكيم الدولية للمهرجان لكني أشرت لبعض من النقاط التي أجد من المهم الإشارة إليها. بموازاة ذلك وكما ذكرت من قبل تبقى ثمة إشكالية تتعلق بما تتعرض له الأقلية المسلمة من سوء ظن وإفقار فهي متهمة كما يقدمها الفيلم بالعمالة لباكستان وحتى التجسس لها، وهذه وغيرها ربما كانت معطيات هي اقرب إلى روح ومعالجة الفيلم التسجيلي أكثر منها محكمة الصلة بموضوع الفيلم.

يحسب للفيلم أداء شخصياته وبالأخص الممثلة الشابة التي أدت دور سيرا والأب كما تحسب للفيلم محاولة تفاوت النجاح فيها في الخوض في المشكلات الاجتماعية لمجتمع فيه ما فيه من معضلات حياتية واجتماعية.

الفيلم : سيرا

المخرج : د.بيجو كومار

تصوير : رادا كريشنان

مونتاج : فيجايا كومار

تمثيل : نيدومودي فينو (سيرا ) ، راجيش سارما ( الأب) ،

* عضو لجنة التحكيم الدولية للمهرجان

يمكن الأطلاع على تفاصيل المهرجان وبرنامج العروض في الموقع :

http://www.centremultimedia.org/Pays-vedette.99.0.html

سينماتك في 5 نوفمبر 2007