حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

طاهر علوان يكتب لـ"سينماتك"

كتابة

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

من الرجل الخفاش الى ملك الخاتم ... غرائبية لاتنتهي..

 

     
  

I

بالأمس القريب شاهد جمهور الفيلم سلسلة ملك الخاتم ... وكان على موعد  مع رحلة اخرى مع الباتمان او الرجل الخفاش ... وخلال هذا لم تنقطع السينما يوما وعبر تاريخها بل ومنذ بواكيرها عن الخوض في الغرائبية والخروج عن العالم المألوف والمعاش , وكان جل اهتمام فناني الفيلم هو الأتيان بما يبهر جمهور الفيلم .

وربما كانت مرحلة البدايات والبواكير كافية للدلالة على النزوع المبكر للدهشة والغرائبية، فقد قدم جورج ميليه فيلم (رحلة الى القمر) في العام 1902، كانت دهشة ساذجة وخطابا تبسيطياً مبالَغَاً فيه، إذ قدم فكرة اطلاق كبسولة بواسطة مدفع لتحط على سطح القمر، وتبدأ معها سلسلة من المغامرات الكوميدية. والمواقف الطريفة الى درجة السذاجة، لكنها كانت درساً (عميقة) لجيل كامل من السينمائيين الذين اقتفوا أثر ميليه ووجدوا فيما قدمه جرأة يُحسد عليها، بأن أسّس توظيفاً لافتاً للفيلم كي يجتذب أعداداً غفيرة.

كانت تلك الغرائبية في واقعها امتداداً لتجارب روائية سابقة بالأخص ما كتبه أج. جي ويلز، في آلة الزمن التي كانت قد أوجدت صلة قوية بين ذلك التدفق الخيالي للأدب والتجسيد الواقعي على الشاشة. وتوالت التجارب من خلال أفلام مثل الرحلة المستحيلة / 1904، الرجال الأوائل على القمر / 1915، المدمرة الجوية، رصاصة في السماء. وكلها أُنتجت قبل العام 1930، يوم قدم المخرج الرائد والمعروف (فريتـز لانج) فيلمه امرأة على القمر سنة 1930.

 كانت هذه البدايات مناخاً مناسباً لتأسيس سينما موازية ، فإذا كانت التجارب السينمائية بدأت بالرسوخ خلال عقدين بعد فيلم لانج، وتأسست التجارب الواقعية الإيطالية منها والروسية وبرزت السينما الألمانية الدعائية تحت ظل هتلر، فان السينما الغرائبية والتي أخذت مناح شتى، بما في ذلك أفلام الخيال العلمي، قد ترسخت هي الأخرى وتطورت الأفكار التي طرحتها تباعاً، عندما ظهرت أفلام: سفينة السماء، والكوكب الأحمر، وغزو الفضاء، وكلها كانت تنتظر (جورج لوكاس) ليقدم حرب النجوم، وليؤسس لقراءة أخرى لهذه السينما الغرائبية، فإذا كانت تنتمي الى الخيال العلمي، فانها من الجانب الآخر كانت غرائبية بامتياز، لأنها أدمجت قوانين الصراع التقليدية للسينما مع شخصيات افتراضية ووهمية.

خلاصة ذلك ان هذه السينما كانت تدور في فلك قوانين الصراع التقليدية ولم تستطع التخلي عنها، إذ سادت مفاهيم هذا الصراع وترسخت النـزعة في إيجاد أقطاب متضادة تصارع بعضها بعضاً بلا هوادة وتستخدم كل الوسائل الغرائبية للوصول الى أهدافها.

لقد أوجدت هذه الصراعات ضرورات لتعميق الدهشة وتعزيز الصورة الغرائبية، وذلك من خلال إيجاد شخصيات قادمة من كواكب أخرى وكائنات ممسوخة وكائنات وحشية، وكان هذا كافياً لإيجاد سينما أخرى، سينما بأبطال غير تقليديين، ومجاميع من الوحوش التي تتقاذف وسائل القتل وهو ما سنشاهده في سلسة افلام ملك الخاتم مثلا .

II

وبموازاة ذلك أوجدت هذه السينما نماذج مبتكرة مشتقة من نماذج تقليدية، فقد عرف جمهور السينما جيداً أفلام (السوبرمان)، لكن السوبرمان الأنثى كان نقطة اضافية، هنا يتم ادماج الشخصية بغرائبية في المكان والأفعال،، فمثلاً في فيلم (Super Girl)، هنالك مدينة غرائبية هي (ارغو) القائمة في الفضاء الخارجي، وكل شيء في تلك المدينة يسير بطاقة هيدروجينية عجيبة، والفتاة الخارقة تحلم مع حبيبها في السيطرة على العالم. بالطبع كان لهذا البناء الغرائبي تاريخ تمثل بالسلاسل الفيلمية الممثلة في السوبرمان ابتداءً من العام 1951، وما بين (ريتشارد دونر) و(ريتشارد لستر) مخرجا السلسلة (الذكريّة) من السوبرمان، كان هناك بث للفكرة في أفلام الكارتون والمجلات الفكاهية ومجلات المغامرات وصولاً للمرأة الخارقة، الفيلم الذي أخرجه (بينوت شفارتس)، وهو ذاته مخرج فيلم الفك المفترس/2.

إذاً ابتداءً من السوبرمان في جزئه الأول سنة 1978 ، كان هنالك تأجيج لصراع طويل ومضنٍ وحشد لأشرار وطيبين ومنازلات وقطع للأنفاس.. ثم ليمتـزج بمسحات عاطفيـة وكوميدية ولكن في إطار من الغرائبية والإدهاش وحتى يومن هذا حيث يعرض فيلم من الباتمان في صالات العرض في العالم الآن.

III

و على اية حال كانت (ظاهرة) باتمان في تاريخ السينما علامة مميزة حقا في السلسلة الغرائبية، فابتداءً من العام 1943، عرف جمهور السينما الظاهرة الباتمانية، واستمتع بالرجل الوطواط ونال الفيلم بأجزائه نجاحاً ملحوظاً، وكانت شركة كولومبيا هي المنتجة.

وبالطبع لاينسى جمهور الفيلم  النجم الشهير (جاك نيكلسن) بدور الجوكر، و كيم باسنجر في دور الصحفية فيما قدم (مايكل كايتن) دور الرجل الخفاش.

لقد كان مهاد ولادة الباتمانية ، بوصفها أسلوبية غرائبية في تاريخ السينما، هو قصص الحكايات (الكوميكس) على يد الرسام (بوب كان) وكاتب السيناريو (بيل فانكر)، وفي وقت كانت فيه شخصية سوبرمان قد قلبت الموازين في تجارة مثل هذا النوع من الحكايات،  هذه الحكايات قد أُدخلت ضمن هذا النسق التعبيري الشعبي الذي كان محدود الأفق، مفاهيم الشخصية ذات المبادئ الخلقية المناسبة للآيديولوجيات السائدة، كما برهنت على أهمية وجود سيناريو طويل النَـفَس قادر على التحول بحسب تغيير المعطيات التاريخية وتبدل القناعات بحسب رأي احد الباحثين في الظاهرة ..

وفي واقع الأمر ان هذه السلسلة من (باتمان) في غرائبيتها المطورة عن السوبرمان، قد عمّقت بناء تلك الشخصيات الطيبة والشريرة، الذائدة عن الحق والمدافعة عنه، أو تلك التي تسعى للانتقام من قوة الشرّ وهكذا، لكن ما يلفت في هذا هو توظيف هذه السلسلة للانتقال بأفلام العنف الى ما هو غرائبي، ونقل الصراع من شكله التقليدي الى شكله الإيهامي والإفتراضي، وذلك باطلاق قدرة الشخصية على الخروج على المألوف والتحليق كيفما شاءت.

والحاصل .... هذه السينما قد خلقت نمطاً من التلقي يفترض ان هنالك مرتبة قد وصلها هذا النوع من الأفلام الغرائبية، مرتبة لا يمكن تجاوزها أو النـزول عنها إلا بما هو أرفع مستوىً وربما كانت سلسلة ملك الخاتم هي التحدي الأخير.

سينماتك في 14 يوليو 2007