حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

محمّد رُضا يكتب لـ"سينماتك"

سينما مجهولة

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

كل شيء تغيّر....

 

     

  

أخيراً، أصبحنا على مشارف القرن العشرين. السينما التي تحدّثنا عنها طويلاً في الأسابيع الماضية  ومنذ منتصف القرن الثامن عشر حين كانت لا تزال محاولات متباعدة لرسم ظل على الحائط ، أصبحت تقف على قدميها والعالم كله يشاهدها ولو أن قطاعات كثيرة من الناس لم تكن تأكدت بعد إذا ما كانت تعتبرها ضرورية أو لا. الكنيسة مثلاً لم تكن راضية عنها في مطلع الأمر. حالها في ذلك لم يكن يختلف كثيراً عن حالة المتطرّفين الإسلاميين اليوم الذين ـ بعد كل هذه السنوات ـ لا زالوا غير قادرين على فهم خصائصها وفوائدها.

تلك السنوات الأولى من القرن العشرين شهدت تطوّرات مهمّة لم تكن واردة على بال صانعي الأفلام في السنوات السابقة. لم تم ـ مثلاً ـ تصميم أوّل "تروللي" وذلك في العام الأول من القرن الجديد، ولأوّل مرّة تم القيام بخطوة بدت غريبة: التقطيع (لاحقاً: المونتاج).

 التطوّران المذكوران هما تقنيّان طبعاً، لكن لاحظ كيف أن التقنيّة هي التي قادت السينما والتي أدّت الى الفن. التروللي مكّن المخرجين آنذاك من تنويع الشكل للقطة. الآن تستطيع الكاميرا أن تنساب في الشكل الذي تريد لتصاحب خطوات رجل يمشي او لكي تسبقه ات لكي تتابعه كيفما أرادت (ولو أن هذه الإختيارات لم تطرأ على بال مخرجي السينما دفعة واحدة).

التقطيع هو الإنتقال من مشهد لآخر فجأة.

الى ذلك الحين، كان المشاهد معتاداً على متابعة مشهد واحد مؤلّف من لقطة واحدة. الفرنسي جورج ميلييه كان من أول من أكتشف أنه يستطيع أن يلتقط لقطة أخرى ويضعها في الصلب. مثلاً، نتابع بكاميرا ثابتة وصول القطار الى المحطّة. هذا هو الفيلم. لكن بالطريقة الجديدة يصير وصول القطار الى المحطّة مصاحباً لـ »قطع« على وجه أحد الراكبين الذين ترجّلوا من القطار.

هذا المثل من عندي تمهيداً لملاحظة تكوّنت لدي من خلال مشاهدتي عشرات الأفلام الصامتة الأولى، أي من العام 1895 وحتى العام 1910  او نحوها. هذه الملاحظة هي أن القطع لم يطرأ على الفيلم الذي نصفه اليوم بالتسجيلي (مثل كل الأفلام السابقة لميلاد القرن العشرين حيث الكاميرا كانت عبارة عن مصدر لإلقاء نظرة على شيء يحدث من دون تأليف) بل طرأت حين فكّر ميلييه الذي كان يريد سرد حكاية في كيفية التنويع. بذلك الكاميرا الثابتة في ركن الغرفة التي تصوّر ساحراً يخرج من صندوق يحمله بعض الأعاجيب تسمح لنفسها بالتوقّف لثانيتين او ثلاث عن تصوير المشهد من زاويتها ومسافتها وتنتقل في لقطة إعتراضية الى شيء محدد يراه المخرج مهمّاً او صغيراً بحيث لن تستطيع الكاميرا البعيدة أن تفسّره، إذاً هو بحاجة الى لقطة خاصّة.

على بساطة هذا المفهوم الا أنه كان جديداً ومثيراً للعين خصوصاً وأن الكثيرين جدّاً من المشاهدين لم يكن ألفوا بعد ماهية التصوير السينمائي وما هي شروطه. اللقطة التي كانت تصوّر قطاراً يتقدّم صوب المشاهدين من على بعد الى أن يصبح قريباً كانت لا تزال تؤدي الى ذعر في الصالة فيرتمي الناس على الأرض بعيداً عن كراسيهم تحسّباً من أن القطار سيخرج من الشاشة وقد يدهس من هم في طريقه. وهل لي أن أتصوّر أن اللغز الكبير آنذاك كان كيف إذا جلس المشاهد الى يمين الشاشة بدا القطار متوجّهاً إليه وإذا ما جلس الى يسارها بدا القطار متوجّهاً إليه أيضاً؟

هذا أدّى لاحقاً، وفي إطار ما يعرف بالسينما الروائية، الى مزيد من التقاط الصور الإعتراضية وزرعها في أماكن مختلفة من الفيلم. حتى تفعل ذلك، أنت تطرق باب استحداث جديد أسمه المونتاج.

يتبع...

سينماتك في 26 يناير 2008