حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

محمّد رُضا يكتب لـ"سينماتك"

سينما مجهولة

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

الطوق والأسورة فيلم يحمل الريف إلى الشاشة

 

     

  

إخراج: خيري بشارة

بطاقة: دراما اجتماعية  عربي من مصر (1986)

تقييم: **** (من خمسة) 

مرّت أفلام خيري بشارة بمراحل ثلاث: مخرج عنيد في تحقيق أفلامه كما يريد، مخرج يستطيع أن يتنازل من دون أن يلغي، ومخرج ينتمي اليوم الى مجموعة من المخرجين لا تجد ما تحققه من أفلام لأنها لا تستطيع التنازل أكثر مما فعلت.

“الطوق والأسورة” ينتمي الى المرحلة الأولى بجدارة.

عن امرأة اسمها حزينة وتعيش في قرية الكرنك. زوجها مريض عاجز وابنتها فهيمة تتزوّج حداد القرية. حزينة لديها ابن اسمه مصطفى هاجر للعمل ويرسل من المال ما يكاد يقي العائلة شر التسوّل. فهيمة تكتشف من يوم دخلتها وما بعد أن زوجها بشاري عاجز. تذهب بها أمها الى الشيخ هارون لعله يقيها شر الحسد. وعندما لا ينفع معها الشيخ تلجأ بها الى المعبد حيث يتولّى أحد الرجال فيه المهمّة التي كان من المفترض بالزوج القيام بها، فتلد طفلة تُسمّى فرحانة ثم تموت. تشب فرحانة ويعود مصطفى من الغربة. تلتقي فرحانة بأحد رجال القرية فتحمل منه. يدفن خالها جسدها باستثناء رأسها بغاية أن تسمّي الفاعل، لكن ابن عمّتها الذي كان يحاول الزواج منها وأخفق يقوم بقتلها.

هذه هي الرواية الريفية التي جذبت خيري بشارة ليحقق منها فيلمه الروائي الثالث صانعاً عالماً عميقاً في دلالاته ومأسوياً في مواصفاته وإماراته. وفي حين أن فيلميه الروائيين السابقين، “الأقدار الدامية” و”العوّامة 70” كانا عن المدينة، فإن فيلمه هذا تحمل الريف الى الشاشة كما لم يظهر من قبل.

في تناوله لقصة الكاتب يحيى الطاهر عبد الله، أدرك خيري بشارة هذه الحقائق وعالج المادة ليس كفيلم ذاتي في إحساسه وارتباطه هو فيه فقط، بل كعمل فني يؤلّف له اللغة السينمائية الخاصّة التي برهن على امتلاك مفرداتها في فيلميه الروائيين السابقين، وكذلك في عدد من أفلامه التسجيلية قبل ذلك. وإذا لم يكن بشاره فعل شيئاً آخر غير إيجاد تلك اللغة، فهذا وحده كافٍ إذ أدّى الى تميّز عمله وتجسيده لروح الكاتب وأبعاده كاملة.

“الطوق والأسورة” يحوي تمثيلاً ممتازاً من عزّت العلايلي وآخر جيّداً من فردوس عبد الحميد وشريهان. الأول ينزع الى تجسيد الرجل الآيل الى الموت برونق غريب وسلس. ثم الرجل التائه في عنفوان. كلاً من عبد الحميد وشريهان تتأقلمان، بصعوبة أكبر، مع متطلّبات المخرج في إدارته للممثلين. بشارة يحب ممثليه. رغبته هي في أن تحوم الكاميرا حول ممثليه في إنفعالاتهم كما في هدوئهم، كما تفعل مع باقي أشياء وعناصر الحياة. مع اللون مثلاً او الإضاءة. إنه يحسن هنا قيادتهم وإبقائهم ضمن خميرة الفيلم  الواقع وليس خارجها. لن يقول أحد إنها الطريقة الأفضل للتعامل مع الممثل، لكنها في عالم بشارة  أنذاك  هي وسيلة ملائمة لأنها جزء من الكل.

سينماتك في 18 مايو 2007