حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

محمّد رُضا يكتب لـ"سينماتك"

سينما مجهولة

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

الرجل ذو العلامة (2)

 

     

  

الفيلم:   M

إخراج:    Fritz Lang

تمثيل:   Peter Laure, Ellen Widmann, Inge Landgut, Otto Wernike

تقييم الناقد: ****  (من خمسة)

بيتر لوري يسير مذعوراً في الشوارع غير مدرك لماذا يتبعه الناس في ذهول وخوف وقلق، هذا الى أن تعكس له المرآة حرفM  الذي رُسم على ظهره. هنا يصبح هو في حالة ذهول وخوف وقلق. لكن الفيلم في الحالتين، أي قبل إدراكه وبعده، يبقى قريباً من الواقع بمعنى أن الدراما لا تفلت من اليد ويصبح الفيلم عملية إثارية سريعة دافعها الخوف والتخويف. هذا كله موجود ضمن منطق الواقع، شيء لم تحسب له الأفلام حساباً كثيراً في تلك الأيام معتمدة على المونتاج كمصدر لخلق التشويق عوضاً عن دراسة الشخصية ذاتها واستخلاص التشويق من طرح الأسئلة في خلفية بال المشاهدين.

هناك مهارة في تقديم الشخصية، وفي تقديم محيطها يواكبان هذا القدر من الواقعية التي لا أقصد بها واقعية فيتوريو دي سيكا او صلاح أبو سيف. واقعية، كما سبق وذكرت في الأسبوع الماضي، تقترح أن المسألة في ذات الوقت أكبر من قاتل طليق يقتل الأولاد الصغار لأنه لا يستطيع أن يتملّك نفسه. «م» هو حرف في مجتمع يريد أن يحافظ على أمنه، لكننا نرى أن هذا الأمن مهدد بحس غير مفهوم لعله تصاعد في نبرة فاشية طرفها البوليس، في مواجهة ضحايا يتحوّلون الى مساهمين في تطبيق الأمن.

لكن الشيء الإضافي هنا هو أن الذي أوقع بالمجرم، ليس أن شاهد عيان رآه يرتكب الجريمة، بل صفيره.

قاتلنا في الفيلم إعتاد على أن يصفّر لحناً صغيراً معيّنا في كل مرّة يشعر فيها بتلك الرغبة لخطف فتاة (وهناك إيحاء بأنه كان يعتدي جنسياً عليها). في أحد المشاهد الأولى من الفيلم، يشتري من بائع بالون أعمى ذلك البالون الذي يهديه لضحيّته الأخيرة. ذلك البالون الذي يفلت من يدها ويعلق في بعض أسلاك الكهرباء في ترميز جيّد (وجديد حينها). قبيل نهاية المقطع او الفصل الثاني، يسمع الأعمى الصفير نفسه ويربطه بالصفير الذي سمعه قبل أيام. هذا الصفير هو ما فضح القاتل، والأعمى -وليس المبصر- هو من ترجمه الى دلالة.

المخرج فريتز لانغ لا يؤيد العقاب في نهاية الأمر.

حين يتم تسليم «م» الى الشرطة، تنبري والدة الضحية الأخيرة للقول بأن «إعدامه لن يُعيد لي إبنتي» والمستشار الذي يتم تعيينه لفحص القاتل يقرر أن هذا القاتل بحاجة الى طبيب نفسي أكثر مما هو بحاجة الى السجن.

كل هذا بعد أن شاهدنا القاتل يتحول من شخص مخيف الى شخص يرتعد خوفاً بعدما تم كشف هويّته. المطاردة التي تقع فيتحوّل الى طريد تطلبه المدينة بأسرها تضع المسألة في تمهيد مقبول لمثل تلك الآراء الصادرة من المستشار ومن الأم، فهو عوض أن يكون حذقاً ذكياً ويحافظ على رباطة جأش يتحوّل الى رعديد جبّان. هذا الحيوان الخائف من الوقوع بين أيدي (او أنياب) مطارديه لا يرتد مثل نمر جريح يدرك أن خروجه من مأزق يعني استدارة كاملة للمواجهة، بل يواصل السعي للهرب مثل ثعلب يهرب أمام مطارديه. وجبنه وعدم يقظته وضعفه عناصر تتواكب وتتضافر لرسم شخصية غير بطولية وواقعية ما يؤكد تأييد المخرج لاعتبار قاتله شخصية مريضة ومعذورة.

سينماتك في 4 مايو 2007