حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

محمّد رُضا يكتب لـ"سينماتك"

أوراق ناقد

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

السينما والغناء

 

     

  

اللقاء بين التمثيل وبين الغناء تم قبل عقود طويلة جدّاً ولو أن المرء لن يستطيع تأكيد ما هو الفيلم الأول الذي توقّفت فيه الحياة لتنقل فاصلاً غنائياً.

بالطبع لن يكون فيلماً صامتاً. ستقول وربما معك حق ولو أن هناك احتمالا أن فيلماً ما تحدّث عن ملهى ليلي يغنّي فيه البعض وكل ما كان يستطيع أن يفعله، كونه فيلماً صامتاً، تصوير أغنية صامتة بلا صوت.

لكن إذ إن المنتشر هو أن “مغني الجاز” هو أول فيلم ناطق والحقيقة هي أنه أوّل فيلم جزئياً ناطق، فإن الصوت والصورة التقيتا على غناء. في الفيلم الذي تم إطلاقه سنة 1927 هناك مغنٍ قصد به أن يكون يهودياً اسمه جاكي رابينوفيتز، هو هاوي موسيقا ابناً عن أب يحلم بأن يصبح مغني جاز ويجد أن طريقته الوحيدة لتحقيق هذا الحلم دهن وجهه باللون الأسود والادعاء بأنه أفرو  أمريكي.

طبعاً حينها لم يكن السود الأمريكيون لهم حول او قوّة لكن مظاهرات الشوارع تحدث اليوم لو أن فيلماً قدّم شخصية على هذا النحو على أساس أن قدراً من التهكّم العنصري يلتصق بالفيلم وبممثله حين العمد الى ذلك.

مهما يكن فإن البداية الغنائية لم تكن حينها ابتكاراً بل استغلالاً وشأنها في ذلك شأن العديد من الأفلام المصرية والهندية والأمريكية والفرنسية وفي كل مكان نشأت فيه صناعة سينمائية. ذلك لأن المفهوم العام هو بسيط وجذّاب.

1- الجمهور يحب السينما.

2- الجمهور يحب الغناء.

3- الجمهور سيحب السينما إذا ما كان فيها غناء.

وفي هذه الحالة الاستنتاجية طبعاً لا مانع من أن تتاح الفرصة للمغني او المغنية لعب دور البطولة. لقد سمعها الجمهور. أحبها الجمهور. طرب لها الجمهور. فلم لا يراها الجمهور. لذلك، وفي حين أن قليلين جدّاً هم الممثلون والممثلات الذين غنّوا من بعد ما ظهروا على الشاشة الكبيرة، هناك جمع كبير من المغنين الذين انتقلوا الى التمثيل. يوم واحد أمام شاشة “روتانا زمان” او “آرت سينما” توضّح المقصود.

على أن هذا الرواج التجاري الناجح ما زال يبحث  والى اليوم  عن الصياغة الفنية الصحيحة. ناهيك عن صياغة قصصية صحيحة.

المعمول به غالباً هو شيء مثل:

يدخل بطل الفيلم غرفته في الشقّة ويفتح النافذة لكي يدخل منها نور الشمس. يتوقّف لحظة حين يسمع صوت جارته وهي تغنّي. مع توقّفه يتوقّف كل شيء آخر بما في ذلك الأحداث. وهذا واضح أكثر إذا ما كانت الأغنية في ناد او ملهى. هناك قصّة تدور وأحداث تقع ومفارقات تتوالى الى أن تظهر المغنية على المسرح. كل شيء يتجمّد، باستثناء بعض اللقطات للوجوه، بينما تغني المغنية وصلتها الطويلة.

طبعاً السينما عرفت من الثلاثينات حلا لهذا المعضلة. عوض إدخال الأغنية على خط القصّة. لم لا يتم إدخال القصّة على خط الأغنية.

نتيجة هذا التفكير أن ولدت السينما الإستعراضية، الغنائية، الراقصة. وأوّل مزاياها أنها ليست بحاجة الى عذر لكي تغنّي وترقص، بل الفيلم كله عن الغناء والرقص أما القصّة فعليها أن تتبعها.

الغريب هنا هو أن السينما الاستعراضية التي انتشرت في هوليوود وبوليوود لم تنتشر كثيراً في كايروود. ليس لأنه ليست هناك أفلام موسيقية عربية من لبنان ومصر خصوصاً لكن ليس هناك تقليد ولا مواصلة. هل لأن السينما الاستعراضية صعبة الإنجاز؟ أم لأنها صعبة الوصول؟

غني عن القول، ربما، أن الجمهور السائد  عربياً نقصد  يدخل الصالات التي تعرض ما يجده مناسباً للهيّن والواضح والبسيط. والفيلم الاستعراضي ليس بالضرورة هيّناً وواضحاً وبسيطاً. على العكس هو مناسبة فنيّة في الأساس والمشاهد عادة وليس حكماً يريد من كل هذه المناسبة أغنية ورقصة والسلام عليكم.

إذ نصل الى هذا الاستنتاج يمكن لنا أن نواصل من هنا الإدلاء بآراء أخرى حول السبب في فشل الفيلم البوليسي العربي وفشل الفيلم الخيالي وفشل الفيلم المغامراتي. لا يعني أنها لم تُصنع سابقاً، لكنها - مثل السينما التسجيلية  لم تتواصل لتشكّل خطّاً مواظباً. في النهاية ترتفع السينما وتهبط حسب الموجة السائدة. كذلك تختفي الأنواع وتظهر حسب المساحة المتوفّرة لهذا النوع او ذاك وهذه المساحة لها علاقة بالثقافة والمطالعة والمعرفة ومستوياتها في الشارع.

عن الخليج الإماراتية 28 أكتوبر 2007

سينماتك في 3 نوفمبر 2007