حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

 

محمّد رُضا يكتب لـ"سينماتك"

أوراق ناقد

 

خاص بـ"سينماتك"

ملفات خاصة

أخبار ومحطات

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

ما فائدة الناقد؟

 

     

  

منذ السنوات الأولى من القرن العشرين أخذت الشكوى تتصاعد من قبل المخرجين السينمائيين ضد النقّاد على أساس أن لفيف النقّاد لا يعرفون شيئاً عن تقنيات السينما وكيفية صنع الأفلام، كيف إذاً يستطيعون الحكم عليها؟

يستطيع المرء أن يقول أن نصف المخرجين العاملين اليوم في السينمات التجارية الكبرى، نصفهم على الأقل، لا يعرفون الكثير عن تقنيات السينما وكيفية صنع الأفلام. ما الذي يجعل وضعهم أفضل من وضع النقّاد المشكو منهم؟

في الحقيقة المسألة أكثر صعوبة ومدعاة للإستهجان حيال مخرج لا يعرف الصنعة في مقابل ناقد لا يعرف الصنعة. هذا ليس لإخراج الناقد الجاهل من اللوم، لكن للقول أنه مع أفلام مثل التي تطغى في الأسواق التجارية هذه الأيام، لم يعد مهمّاً لدى القاريء إذا ما كان الناقد يفهم أقل او أكثر من المخرج. في الأساس، المُشاهد الذي يقبل على «ليلة في المتحف» و«غبي وأغبى» و«إسكندرية رايح جاي» و«اللي بالي بالك» ليس المشاهد الذي يقرأ النقد. بالتالي هو لا يكترث مطلقاً لما يُكتب تحت راية النقد السينمائي أصاب الناقد او أخطأ.

والمفارقة هي أن فائدة الناقد لا زالت مثل نار خامدة لم تنطفيء تماماً منذ أن أثيرت في المجالات الأدبية والفنية عصور طويلة قبل ولادة السينما. النقد كان في البدايات الأولى للعمل الفكري من قبل المبدع او الفيلسوف. ربما ليس من فيلسوف، إبن خلدون او بلاتو، الا وكتب الفلسفة ونقدها او نقد ما ذهبت إليه. كذلك المبدعون لاحقاً (ليوناردو دي فينشي واحداً منهم) ألّفوا فنونهم ونقدوا الفنون في ذات الوقت. غراهام غرين، كتب الرواية ثم النقد السينمائي بعد ذلك. لكن ذلك لا يعني أن النقد يجب أن يؤول فقط لمن يوصف عادة بالفنان او الأديب.

في السينما، العملية الإبداعية ليست حكراً على المخرج. إنه قائد السفينة بلا شك وحامل مسؤولياتها، لكنه مُحاط بمن هم ـ نظرياً على الأقل ـ مبدعين. وإذا ما كان الفيلم عملاً إبداعياً فإن نقده -وأتحدّث عن النقد الجيّد- هو ملحق إبداعي معه أيضاً.

طبعاً، يحلو لكثيرين إعتبار النقد السينمائي عملاً إرتزاقياً لا علاقة له بالإبداع، لكن هذا بدوره تعميماً تتخلله استثناءات كثيرة. كلّنا ـ صالحنا على باطلنا ـ نعمل لكي ندفع الفواتير، لكن هل هذه الحقيقة هي التي تقرر ما إذا كان النقد عملاً إبداعياً او لا؟ أكثر من ذلك، المرتزقة فعلاً بيننا يوازيهم مرتزقة في السينما. ومن دون أن يصرف المرء الكثير من الجهد في التفكير، الصحافي الذي يكتب عن الفيلم ـ أي فيلم ـ من دون أجندة إبداعية وهم إجتماعي ووجداني وثقافي، لن يستطيع أن يكتب شيئاً عن فيلم لمبدع. ماذا سيكتب صحافي اعتاد أن يخط الرأي استناداً الى مفهوم ضيّق وجهل ثقافي مطبق او قريب من أن يكون مطبقاً عن «برسونا» لإنغمر برغمان او «التضحية» لأندريه تاركوفسكي او «التقليدي» لبرناردو برتولوتشي؟ لن يُجيد حتى ترجمة الرأي لأنه لن يفهم فيما هو مكتوب.

بالعودة الى لب الحديث هنا، نجد أن مسألة  النقد السينمائي لا زالت مطروحة، نظرياً، عبر ثلاثة أسئلة، سأسعى خلال هذه السلسلة للإجابة عليها.

١- هل النقد السينمائي  ضروري بحد ذاته؟

٢- هل يُفيد المشاهد او السينمائي؟

٣- من هو الناقد الجيّد؟ هل صفاته تختلف من ناقد الى آخر؟ او تختلف من مجموعة الى أخرى؟

سينماتك في 12 مايو 2007